خيانة زوجية

أنا خنت زوجي أكثر من مرة؛ لأني لا أحبه وأريد حلًّا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن كراهية الزوج ليست مُسوِّغًا للخيانة، وقد علمت أن الزنى من أفحش المنكرات، ألم تسمعي قولَ الله جل وعلا: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا﴾ [الإسراء: 32].
ألم يقرع سمعَك قولُ النبي ﷺ: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ»(1)؟!
وقولُه ﷺ: «إِذَا زَنَى الْعَبْدُ خَرَجَ مِنْهُ الْإِيمَانُ فَكَانَ فَوْقَ رَأْسِهِ كَالظُّلَّةِ، فَإِذَا خَرَجَ مِنْ ذَلِكَ الْعَمَلِ عَادَ إِلَيْهِ الْإِيمَانُ»(2)؟!
ألم تعلمي أن الزنى من المُحصَن يُهدِر دمَه كما قال ﷺ: «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّاني، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْـمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ»(3)؟!
ألم يقرع سمعَك ما أخبر به النَّبيُّ ﷺ في الحديث الصحيح؛ من أن أرواح الزناة والزواني تحبس في تنور من نار يعذبون إلى أن تقوم الساعة(4)؟!
ومن ناحيةٍ أخرى فإن الحياة الزوجية ليست سجنًا مؤبدًا! بل تستطيع من كرهت زوجها ولم تُطق المُقام معه أن تختلع منه، فهذا هو الطريق المشروع للتعامل مع مثل هذا الموقف!
إن الشريعة لا تُنكر على المرء مشاعره الطبيعية، وإنما تُرشده كيف يكبح جماحها عندما تُزيَّن له الفاحشة! ثم تُبيِّن له المخرج عندما تستبدُّ به هذه المشاعر!
لقد تعرضتِ امرأةٌ في زمن النبوة لأزمة عاطفية في علاقتها بزوجها، فلم تَخُن زوجَها ولم تَكفُر عِشرته، ولم تُلوِّث فراشه! بل جاءت إلى النبي ﷺ وأرشدها إلى المخرج:
فعن ابن عباس: أن امرأةَ ثابت بن قيس أتت النبيَّ ﷺ فقالت: يا رسولَ الله، ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام. فقال رسول الله ﷺ: «أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟». قالت له: نعم. فقال: «اقْبَلِ الحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً»(5).
لقد كان أمامك ولا يزال مخالعة الزوج، وذلك بأن تتفقي معه على الخلع مقابل إبرائه من التبعات المالية، ورد ما بذله لك من صداق، ثم تعتدِّين، ثم تكونين بعد ذلك حلًّا لمن شئت من الأزواج، هذا هو الخروج الشريف من هذه المحنة والفتنة، وما عدا ذلك خيانة وقبح ومنكر وكارثة ونار حامية.
فاتقي الله يا أمة الله، وتوبي إلى الله عز وجل توبة نصوحًا، واسلكي هذا السبيل.
ونسأل الله أن يقيل عثرتك وأن يغسل حوبتك، وأن يأخذ بناصيتك إلى ما يحبه ويرضاه. والله تعالى أعلى وأعلم.

________________

(1) متفق عليه: أخرجه البخاري في كتاب «الحدود» باب «لا يشرب الخمر» حديث (6772)، ومسلم في كتاب «الإيمان» باب «بيان نقصان الإيمان بالمعاصي ونفيه عن المتلبس بالمعصية على إرادة نفي كماله» حديث (57)؛ من حديث أبي هريرة.

(2) أخرجه أبو داود في كتاب «السنة» باب «الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه» حديث (4690)، والترمذي في كتاب «الإيمان» باب «ما جاء لا يزني الزاني وهو مؤمن» حديث (2625)، والحاكم في «مستدركه» (1/72) حديث (56)، من حديث أبي هريرة، وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فقد احتجا برواته وله شاهد على شرط مسلم». وذكره الألباني في «السلسلة الصحيحة» حديث (509).

(3) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «الديات» باب «قول الله تعالى: أن النفس بالنفس والعين بالعين» حديث (6878)، ومسلم في كتاب «القسامة والمحاربين والقصاص والديات» باب «ما يباح به دم المسلم» حديث (1676)، من حديث عبد الله بن مسعود.

(4) أخرجه البخاري في كتاب «الجنائز» باب «ما قيل في أولاد المشركين» حديث (1320) من حديث سمرة بن جندب. (5) أخرجه البخاري في كتاب «الطلاق» باب «الخلع وكيف الطلاق فيه» حديث (5273) من حديث ابن عباس.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   05 النكاح, 12 فتاوى المرأة المسلمة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend