تزويج الثيب نفسها بغير وليها

هل يجوز للمطلقة أن تزوِّج نفسها بدون ولي أمرها (الأب)؟ علمًا بأنه حيٌّ يرزق وينفق عليها، (جهز لها شقة لتعيش مع ابنتها، واشترى لها سيارة ومتكفل بمصاريف ابنتها الدراسية)؟
وهل يجوز لها أن تتحدَّث مع شخص تقدَّم لها هي (وليس لأبيها أو لأحد من إخوتها) بدون أخذ إذن أبيها أو إخوتها؟ علمًا بأن الغرض تكوين وجهة نظر. جزاكم الله خيرًا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن الأصل أن يتولى وليُّ المرأة المسلمة أو وكيله عقدَ زواجها عن رضا وتشاور معها، وإذنه في العقد ضرورةٌ دينية واجتماعية، فلا زواج إلا بولي، ثيبًا كانت المرأة أم بكرًا، هذا هو الذي عليه جماهير أهل العلم(1)، وتدعمه الأدلة الصحيحة، وخالف في ذلك أبو حنيفة رحمه الله(2) فأجاز للمرأة البالغة العاقلة أن تزوِّج نفسها من الكفء بمهر المثل، ورأي الجمهور أقعد وأسند وأولى بالصواب.
أما ما تتحدث عنه من مقدمات الزواج كالخطبة فإن الخطبة وهي طلب الزواج والتواعد عليه، وهي لا تعدُّ زواجًا ولكنها مقدمة بين يديه، فلا تُثبت حقًّا من حقوق الزوجية، ولا تترتب عليها تبعات ماليَّة، ولا تحل حرامًا في العلاقة بين الطرفين.
والأصل أن تُخطب المرأة إلى نفسها، أو إلى أحد من أقاربها، فالمرأة قد تُخطب إلى نفسها كما تُخطب إلى أوليائها، إذا كان الحديث بالمعروف، وفي غير خلوة ولا ريبة، ويقتصر منه على القدر الضروري الذي يتم التعرف به على المرأة، والخير والحزم أن يكون ذلك بعلم من أوليائها، وتنسيق معهم، وتشاور بينهم؛ لأنهم هم الذين سيباشرون العقد لها على من تشاء. والله تعالى أعلى وأعلم.

________________

(1) جاء في «حاشية العدوي» (2/49) من كتب المالكية (قوله (وهو شرط صحة) أي الولي شرط صحة قوله (ولا المرأة نفسها الخ) مطلقا بكرا كانت أو ثيبا شريفة كانت أو دنية رشيدة أو سفيهة أمة أو حرة أذن وليها أم لا لا يجوز ذلك بوجه).
وجاء في «نهاية المحتاج» (6/244) من كتب الشافعية (لا تزوج امرأة نفسها ولو بإذن من وليها ولا غيرها ولو بوكالة من الولي بخلاف إذنها لقنها أو محجورها وذلك لآية فلا تعضلوهن إذ لو جاز لها تزويج نفسها لم يكن للعضل تأثير).
وجاء في «الإنصاف» (8/50) من كتب الحنابلة (قوله : “الثالث الولي فلا نكاح إلا بولي”.
هذا المذهب أعنى الولي شرط في صحة النكاح وعليه الأصحاب ونص عليه قال الزركشي لا يختلف الأصحاب في ذلك. وعنه ليس الولي بشرط مطلقا. وخصها المصنف وجماعة بالعذر لعدم الولي والسلطان. فعلى المذهب “لو زوجت المرأة نفسها أو غيرها لم يصح”. وهو المذهب وعليه الأصحاب).

(2) جاء في «بدائع الصنائع» (2/247) من كتب الحنفية (الحرة البالغة العاقلة إذا زوجت نفسها من رجل أو وكلت رجلا بالتزويج فتزوجها أو زوجها فضولي فأجازت جاز في قول أبي حنيفة وزفر وأبي يوسف الأول سواء زوجت نفسها من كفء أو غير كفء بمهر وافر أو قاصر غير أنها إذا زوجت نفسها من غير كفء فللأولياء حق الاعتراض وكذا إذا زوجت بمهر قاصر عند أبي حنيفة خلافا لهما).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   05 النكاح, 12 فتاوى المرأة المسلمة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend