الأقارب كثيرًا ما يتدخَّلون في حياتنا ويُسببون لي مشاكل بيني وبين أهلي، إلى أن حدث موقفٌ أدَّى بي إلى السجن فكشفتُه وحدث بيني وبينهم مشكلة، والمشكلة الكبرى التي لم أنتظرها هي وقوف أهل بيتي تمامًا في صفِّهم فغضبتُ من أهلي وتجنبتهم، وفي خلال رمضان لم أُفطر معهم يومًا واحدًا، كما أنهم أهانوني، أسكت كثيرًا ولكنهم لم يرحموني، إلى أن ضاق صدري وخسرتُ رمضان، لم أصم إلى الآن إلا أول يوم، وفي أثناء أذان المغرب قامت مشاجرة بيننا فسببتُهم ولعنتهم مع أنني حزين جدًّا وخصوصًا على رمضان. ماذا أفعل؟

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فقد تقرَّر في سنن الله عز وجل  أنه لم ينزل بلاءٌ إلا بذنب ولم يُكشف إلا بتوبة، وقد نزل بك من البلاء ما نزل، وكان حريًّا أن يردَّك إلى ربِّك، وأن يحملك على أن تطرح نفسك بين يديه ذليلًا منكسرًا تائبًا منيبًا إليه، فإذ بك تظلم نفسك وتُخاصم ربَّك وتمتنع عن صوم رمضان، ناشدتك الله ألَا تشعر أنك بهذا تظلم نفسك وتزيدها نكالًا على نكال وبلاءً على بلاء؟ هل تُطيق معاندةَ ربِّك ومشاقته والمخالفة عن أمره؟!
أفق أيُّها السَّائل الكريم، وجدِّد توبةً صادقة، وراجع صحيفة أعمالك، وزِنْ أعمالَك قبل أن تُوزن عليك، وحاسِبْ نفسك قبل أن تُحاسب، واعلم أن أوَّلَ الطَّرِيق إلى الخروج من هذه المهالك والمضايق أن تصل ما قُطع من علاقتك بربِّك، وأن تبني ما تَهَدَّم من صلتك به، وانتظر بركاتٍ ورحمات وفيوضات لم تكن تخطر لك على بالٍ، أمَّا في علاقتك بأهلك فسدِّد وقارب(1)، وادفع بالتي هي أحسن السيئة، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليٌّ حميم(2)، وسَلِ الله أن يُصلح ما فسد من علاقاتكم، وأن يُجنِّبَكم الفتنَ ما ظهر منها وما بطن. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

__________________

(1) ففي الحديث المتفق عليه الذي أخرجه البخاري في كتاب «الإيمان» باب «الدين يسر» حديث (39) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي ﷺ قال: «إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ؛ فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْـجَةِ».

(2) قال تعالى: ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ [فصلت:34].