خلود من عليه دين في النار

جزاك الله عنَّا خيرًا يا شيخنا الجليل. لو مات الإنسان وعليه دَين: هل صحيح أنه لا يدخل الجنة ويُخلَّد في النَّار؟ وجزاك الله خيرًا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن حِرْصَ الشَّريعة على بذل الحقوق والوفاء بالدُّيون حرصٌ ظاهر؛ فقد بيَّنت أن «مَطْل(1) الْغَنِيِّ ظُلْمٌ»(2)، وأن «لَـيّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ»(3)، وقد كان نبيُّنا صلى الله عليه وسلم  لا يُصلِّي على مَن مات وعليه دَينٌ(4)، ولكن الأمر لا يبلغ مبلغ القول بتخليد مَن عجز عن الوفاء بدينه في النَّار؛ فإن أصحاب المعاصي لا يُخلدون في النَّار عند أهل السُّنَّة؛ لقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: 48]، ولا يقول بتخليد العصاة في النَّار إلا الخوارج، ولكن من مات على معصية غير تائب منها فإن أمره إلى الله عز وجل  إن شاء عذَّبه وإن شاء غفر له. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تأخير سداد الدين من غير عذر.
(2) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب «في الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس» باب «مطل الغني ظلم» حديث (2400)، ومسلم في كتاب «المساقاة» باب «تحريم مطل الغني وصحة الحوالة واستحباب قبولها إذا أحيل على ملي» حديث (1564) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
(3) أخرجه أحمد في «مسنده» (4/222) حديث (17975)، وأبو داود في كتاب «الأقضية» باب «في الحبس في الدين وغيره» حديث (3628)، والنسائي في كتاب «البيوع» باب «مطل الغني» حديث (4689)، وابن ماجه في كتاب «الأحكام» باب «الحبس في الدين والملازمة» حديث (2427)، والحاكم في «مستدركه» (4/115) حديث (7065)، من حديث الشريد بن سويد رضي الله عنه . وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه»، وذكره العراقي في «تخريج أحاديث الإحياء» (2/824) وصحح إسناده، وصححه الألباني في «مشكاة المصابيح» حديث (2919).
(4) ففي الحديث الذي أخرجه البخاري في كتاب «الحوالات‏» باب «إن أحال دين الميت على رجل جاز» حديث (2291) من حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه  قال: كنا جلوسًا عند النبي رضي الله عنه ، إذ أُتي بجنازة فقالوا: صلِّ عليها. فقال: «هل عليه دين؟»، قالوا: لا. قال: «فهل ترك شيئًا؟» قالوا: لا. فصلى عليه، ثم أُتي بجنازة أخرى، فقالوا: يا رسول الله صلِّ عليها، قال: «هل عليه دين؟» قيل: نعم. قال: «فهل ترك شيئًا؟» قالوا: ثلاثة دنانير، فصلى عليها. ثم أُتي بالثالثة، فقالوا: صلِّ عليها. قال: «هل ترك شيئًا؟» قالوا: لا. قال: «فهل عليه دين؟» قالوا: ثلاثة دنانير. قال: «صلوا على صاحبكم». قال أبو قتادة: صلِّ عليه يا رسول الله وعلي دينه. فصلى عليه.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   06 الإيمان باليوم الآخر

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend