حكاية النكت لإضحاك الناس

ما حكم النكت بداعي ضحك الناس؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن الضحك من صفات الإنسان، وقد كان النبي ﷺ يضحك ويُمازح أصحابه، غير أنه لا يقول إلا حقًّا(1)، ولم يكن ذلك ديدنه وعادته في كل حين، فالتفكُّه بالكلام والتنكيت إذا كان حقًّا وصدقًا فلا بأس به ولاسيما مع عدم الإكثار من ذلك، ومن شروط التفكه المشروع ما يلي:
1- ألا يتعلق بأمر من أمور الدين، أو يشتمل على تحقير إنسان، أو استهزاء به وسخرية منه، والأدلة على هذا المعنى كثيرة.
2- ألا يتخذ الكذب والاختلاق أداة لإضحاك الناس؛ ولهذا قال النبي ﷺ: «وَيْلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ فَيَكْذِبُ لِيُضْحِكَ الْقَوْمَ، وَيْلٌ لَهُ، وَيْلٌ لَهُ، وَيْلُ لَهُ»(2). وقال ﷺ: «أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْـجَنَّةِ لِـمَنْ تَرَكَ الْـمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُـحِقًّا، وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْـجَنَّةِ لِـمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا، وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْـجَنَّةِ لِـمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ»(3).
3- ألا يترتَّب على ذلك ترويع وفَزَع لمسلم.
4- ألا يهزل في موضع الجد، ولا يضحك في موضع يستوجب البكاء، فلكل شيء أوانه، ولكل مقام مقال.
5- أن يكون ذلك في حدود الاعتدال الذي تقبله الفطر السليمة والعقول الرشيدة.
فلا بأس بهذا الأمر في حدود هذه الضوابط، وننصح بالتوقر والاعتدال فيه. والله تعالى أعلى وأعلم.

_____________________

(1) فقد أخرج أحمد في «مسنده» (2/340) حديث (8462)، والترمذي في كتاب «البر والصلة» باب «ما جاء في المزاح» حديث (1990)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، عن رسول الله ﷺ أنه قال: «إِنِّي لَا أَقُولُ إِلَّا حَقًّا». قال بعض أصحابه: فإنك تداعبنا يا رسول الله! فقال: «إِنِّي لَا أَقُولُ إِلَّا حَقًّا». وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح». وصححه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (1726).
وأخرج ابن سعد في «الطبقات» (8/224) مرسلًا من حديث محمد بن قيس قال: «جاءت أم أيمن إلى النبي ﷺ فقالت: احملني. قال: «أحملك على ولد الناقة!». فقالت: يا رسول الله إنه لا يطيقني ولا أريده. فقال: «لا أحملك إلا على ولد الناقة!». يعني أنه كان يُمازحها، وكان رسول الله يمزح ولا يقول إلا حقًّا، والإبل كلها ولد النوق.

(2) أخرجه أحمد في «مسنده» (5/5) حديث (20058)، وأبو داود في كتاب «الأدب» باب «في التشديد في الكذب» حديث (4990)، والترمذي في كتاب «الزهد» باب «فيمن تكلم بكلمة يضحك بها الناس» حديث (2315) من حديث معاوية بن حيدة رضي الله عنه ، وقال الترمذي: «حديث حسن».

(3) أخرجه أبو داود في كتاب «الأدب» باب «في حسن الخلق» حديث (4800) من حديث أبي أمامة رضي الله عنه ، وذكره الألباني في «السلسلة الصحيحة» حديث (273).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   07 آداب وأخلاق, 14 متنوعات

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend