التأفف والملل في النفس من الأم المريضة

أنا لديَّ أمٌّ مصابة بمرض «زهايمر»، ولا تدري أحيانًا مَن أكون أنا، وتعاني من مشاكل مع أولادي، فهم صغار في السن ويسبِّبون لها المشاكل، وأنا وُضعت بين نارين بين أمي التي لا تدري عن نفسها سوى القذف واللعن على أولادي وكل ليلة شجار بينهم وهي عصبية جدًّا وأنا أحبها.
وليس لديَّ أخت؛ لذا يتوجَّب عليَّ رعايتها، ولكن في بعض الأحيان أغضب وأتعصَّب ولكن في قرارة نفسي، وأُبغِضُ تصرُّفات أمي في داخل قلبي وأنظر إليها نظرات طفش وملل، ولكن هي لا تعلم، فقط أنا ونفسي وأقول في نفس الوقت: أستغفر الله. فهل هذا عقوق؟ جزاكم الله خيرًا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فقد تعبَّدك الله بالإحسان إلى والديك، وجعل الأمر بذلك بعد الأمر بعبادته وحده، فقال تعالى: ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [الإسراء: 23] ويتأكد ذلك إذا بلغ مبلغَ الكِبَر، فقال تعالى:  ﴿إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا *  وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾} [الإسراء: 23، 24]
واعلم أن اللهَ قد فتح لك بذلك بابًا من أنفس أبواب العبودية، فهي نعمة من الله عليك فلا تكفرها، بل احفظها وقُمْ بحقها، واعلم أن شدَّتها على أولادك لا يد لها فيها، فهي معذورة في ذلك بحكم ما نزل بها من أمراض الشيخوخة، وأنت أولى النَّاس بالصبر عليها والرِّفق بها، وقد جاء زمن الوفاء، وجاء زمن قضاء بعض الحقوق أيها الموفق.
فاشرح بذلك صدرًا، واصبر على أمر الله عز و جل ، وأرجو أن تجد عقبى ذلك بإذن الله سعة في رزقك، وصلاحًا في ذريتك، وانشراحًا في صدرك، وحسنًا في خاتمتك إن شاء الله. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   07 آداب وأخلاق, 14 متنوعات

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend