تقبَّل الله صيامكم وطاعاتكم، بارك الله فيكم. أردت أن أستعلم إن كان جائزًا أن يعرض شريط فيديو في المساجد وموضوعه عن خير البشر، نبينا محمد بن عبد الله ؟ علمًا بأن هذا الشريط يحتوي على إيقاع موسيقيٍّ؟

أود أن أشير إلى أنه وردني أن الأزهر الكريم قد صدَّق على محتوى الشريط، لكن لا أدري إن كان هذا التصديق على الشريط بإجماله أم فقط محتواه.

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فالذي ننصحك به هو السعي إلى تنقية هذا الشريط من الموسيقى المصاحبة إن أمكن، فإذا لم يمكن وكان مضمونه قد أُجيز من جهة شرعية موثوقة فلا بأس من الاستفادة منه؛ لأن المقصود هو مضمونه ومحتواه، وليس ما يصحبه من موسيقى. وفي هذا الباب يُفرَّق بين السماع والاستماع.
وقد جاء في قرارات مجمع فقهاء الشريعة في دورة انعقاد مؤتمره السادس بمونتريال بكندا إشارة إلى ذلك ننقلها لك بنصها تثبيتًا لهذه الفائدة:
سادسًا: حول الانتفاع بالبرامج المرئية أو المسموعة النافعة التي قد تشوبها بعض المخالفات:
الأصل في المعازف المنع؛ لكونها من المحرمات أو من المشتبهات على أدنى تقدير. ويستثنى من ذلك الدف في الأعراس ونحوها.
ويُرخَّص في الانتفاع بما أعدَّه الآخرون من البرامج العلمية والوثائقية أو التَّاريخية الهادفة أو الأفلام الكرتونية النافعة بالنِّسْبة للأطفال، وإن شابَهَا شيء من المعازف التي لا تُحرك الشهواتِ ولا تُثير الغرائِزَ؛ نظرًا لعموم البلوى ونُدرة البدائل المتاحة؛ وتفريقًا بين السماع والاستماع عندما لا تكون هذه الموسيقى المصاحِبة مقصودةً في ذاتها، ولا يصيخ إليها المشاهد بسمعه، ولا يلقي لها بالًا، فهي أشبه بالفواصل الموسيقية في نشرات الأخبار التي اتفق السوادُ الأعظم على الترخُّص في سماعها ومشاهدتها، مع التنبيه على حكم المعازف وتقليلها ما أمكن.
ولكن ينبغي أن تخصص لاستعراضه قاعة بعيدة عن ساحة المسجد التي يركع فيها المسلمون لله U ويسجدون، وليكن ذلك مثلًا في قاعة الأنشطة الاجتماعية العامة، مع التنويه على كراهية الموسيقى، وأن الدافع إلى استعراض الشريط ليس استباحة الموسيقى، وإنما انعدام البدائل المشروعة التي تفي بحاجة الناشئة في هذا البلد. والله تعالى أعلى وأعلم.