ما معنى ذكر الله؟ هل يجوز أن أذكر الله أينما شئت؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن ذِكر الله عز و جل أن تذكر الله بأسمائه وصفاته، سواء أكان ذلك ثناءً على الله جلَّ وعلا بهذه الأسماء والصِّفات، أو تعليمًا لعباده ذلك وحثهم عليه، أو أن تذكر الله بالتَّفكُّر في آلائه ونعمه، أو أن تذكر الله بأمره ونهيه، سواء أكان ذلك ائتمارًا بالأمر والنَّهي أو تعليمًا للآخرين. ويجوز لك أن تذكر الله بلسانك حيثما شئتَ إلا في أماكن قضاء الحاجة.
أما ذِكر الله بالقلب فيجوز في جميع الأحوال، فالذِّكر بالقلب مشروع في كلِّ زمان ومكان، في الحمَّام وغيره، وإنما المكروه في الحمَّام ونحوه: ذكر الله باللسان تعظيمًا لله سبحانه، إلا التَّسمية عند الوضوء فإنه يأتي بها إذا لم يتيسَّر الوضوء خارج الحمَّام؛ لأنها واجبةٌ عند بعض أهل العلم(1)، وسنة مؤكدة عند الجمهور(2). واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
______________
(1) جاء في «المغني» (1/76-77): «مسألة قال: والتسمية عند الوضوء. ظاهر مذهب أحمد رضي الله عنه: أن التسمية مسنونة في طهارة الأحداث كلها. رواه عنه جماعة من أصحابه. وقال الخلال الذي استقرت الروايات عنه أنه لا بأس به. يعني إذا ترك التسمية. وهذا قول الثوري ومالك والشافعي وأبي عبيدة، وابن المنذر وأصحاب الرأي. وعنه أنها واجبة فيها كلها؛ الوضوء، والغسل، والتيمم.
وهو اختيار أبي بكر ومذهب الحسن».
(2) جاء في «فتح القدير» (1/21-24): «قال (وتسمية الله تعالى في ابتداء الوضوء) لقوله عليه الصلاة والسلام: لا وضوء لمن لم يسم الله» والمراد به نفي الفضيلة، والأصح أنها مستحبة وإن سماها في الكتاب سنة».
وجاء في «حاشية العدوي» (1/180-184): «ثم أشار إلى فضيلة من فضائل الوضوء بقوله: (فمن قام إلى وضوء من نوم) أي من أراده إما بسبب نوم مستثقل (أو) بسبب (غيره) مما يوجب الوضوء من حدث أو سبب (فقد قال بعض العلماء) قالوا حيث استعمل هذا اللفظ في هذا الكتاب، يريد به ابن حبيب فقط أو هو مع غيره كما هنا. (يبدأ فيسمي الله) تعالى قيل: يقول بسم الله الرحمن الرحيم، وقيل: يقول بسم الله فقط، ولم يبين حكم هذا القول عند قائله. (ولم يره بعضهم) أي لم ير بعض العلماء القول بالبداءة بالتسمية (من الأمر) أي الشأن (المعروف) عند السلف، بل رآه من الأمر المنكر، ظاهر لفظه أنه لم يقف لمالك في التسمية على شيء وقد نقل عنه ثلاث روايات إحداها وبها قال ابن حبيب: الاستحباب، وشهرت لقوله صلى الله عليه وسلم: لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه. ابن عبد السلام: وظاهر الحديث الوجوب، وهو مذهب أحمد وإسحاق».
وجاء في «حاشيتي قليوبي وعميرة» (1/59-60) عند ذكر سنن الوضوء: «(والتسمية أوله) لما روى النسائي وغيره عن أنس قال: طلب بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وضوءا فلم يجده فقال صلى الله عليه وسلم: هل مع أحد منكم ماء؟ فأتي بماء فوضع يده في الإناء الذي فيه الماء ثم قال: توضئوا باسم الله. فرأيت الماء يفور من بين أصابعه، حتى توضئوا وكانوا نحو سبعين».