ما حكم أكل لحم الدُّبِّ؟ وهو ذو ناب يأكل اللحم وكذلك العشب وغيره.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فقد قال ابن قدامه في «المغني»: «فأما الدُّب فينظر فيه؛ فإن كان ذا نابٍ يفرس به فهو محرم، وإلا فهو مباح. قال أحمد: إن لم يكن له ناب، فلا بأس به. وقال أصحاب أبي حنيفة: هو سَبُعٌ، لأنه أشبه شيء بالسباع، فلا يؤكل. ولنا، أن الأصل الإباحة، ولم يتحقق وجودُ المحرم، فيبقى على الأصل، وشَبَهُه بالسباع إنما يُعتبر في وجود العلة المحرمة، وهو كونه ذا ناب يصيد به ويفرس، فإذا لم يوجد ذلك كان داخلًا في عموم النصوص المبيحة»(1).
ولما كان السائل يقرر أن الدُّبَّ ذو ناب، أو يسأل عمَّا كان له ناب، فيتوجه القول بتحريمه على قول أهل العلم قاطبةً، لما رواه أبو ثعلبة الخشني, قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع(2).
هذا وإن من رحمة الله تعالى بعباده أن حرَّم عليهم تناولَ لحوم الحيوانات المفترسة؛ وذلك لما فيها من القوَّة السَّبُعِيَّة التي تورِّث مَن أكلها نباتَ جسمِه منها، فتصير أخلاقُ الآكلِ قريبةً من أخلاق السباع، مع ما فيها من خُبثِ مطعمها؛ كالتي تأكل الجِيَف من الطيور، أو لأنها في نفسها مُستخبثةٌ كالحشرات، فطِيبُ المطعم يؤثر في الحلِّ، وخبثُه يؤثر في الحرمة. والله تعالى أعلى وأعلم.
_______________________
(1) «المغني» (9/409-410).
(2) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «الذبائح والصيد» باب «أكل كل ذي ناب من السباع» حديث (5530)، ومسلم في كتاب «الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان» باب «تحريم أكل كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير» حديث (1932)، من حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه.