قبول دعوة من يعمل في بنك ربوي على الطعام

السؤال:

ابن عمي يعمل في بنك أبو ظبي، هل لو دعاني إلى مائدة فعليَّ أن آكل منها؟ وهل هذا حلال؟ وهل العمل في بنك مثل هذا حلال؟ مع العلم أنه بنك غير إسلامي.

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:

فلا حرج في الأكل عنده مع نُصحه بترك العمل في المصارف الربوية، فإن من كسب مالًا على وجه محرم ولم يكن المال محرمًا لعينه فإنه يجوز لمن أخذه منه بطريق شرعي أن يأكل منه، فقد قبل نبينا صلى الله عليه وسلم هديةَ اليهود، ففي خيبر قبل هدية المرأة التي أهدت له الشاة([1]). وفي المدينة دعاه غلام يهودي إلى خبز شعير وإهالة سنخة فأجاب عليه الصلاة والسلام([2]). وكذلك عامل رجلًا يهوديًّا اشترى طعامًا لأهله، ورهنه النبي صلى الله عليه وسلم درعه، ومات النبي صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند هذا اليهودي([3]).

ولكن إن كان ترك الأكل عنده يحمله على الانزجار وترك العمل في البنك فيشرع ترك الأكل عنده تحقيقًا لهذه الغاية.

والأصل عدم جواز العمل في المصارف الربوية، في الأقسام التي لها صلة مباشرة بعمليات الائتمان، أي التي لا تتعلق بمباشرة الربا كتابة أو إشهادًا أو إعانة مباشرة أو مقصودة على شيء من ذلك، وأما العمل فيما سوى ذلك فموضع نظر، والأقرب جواز ذلك عند الحاجة، وقد ناقش هذه القضية المؤتمر الخامس لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا وانتهى فيها إلى ذلك، وهذا هو نص قراره أسوقه تتميمًا للفائدة:

  • الأصل في العمل في المصارف الربوية أنه غير مشروع؛ للعن النبي صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه, وقوله: «وَهُمْ سَوَاءٌ»([4]). مع اعتبار الضرورات، على أن تقدر بقدرها ويسعى في إزالتها.
  • وقد رخصت المجامع الفقهية لمن لم يجد عملًا مباحًا، أن يعمل في الأماكن التي يختلط فيها الحلال والحرام, بشرط ألا يباشر بنفسه فعلَ المحرم, وأن يبذل جهده في البحث عن عمل آخر خالٍ من الشبهات.

والمجمع لا يرَى ما يمنع من تطبيق هذا الحكم على العمل في المصارف الربوية، فيرخص في العمل في المجالات التي لا تتعلق بمباشرة الربا كتابة أو إشهادًا أو إعانة مباشرة أو مقصودة على شيء من ذلك. والله تعالى أعلى وأعلم.

__________________

([1]) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «الهبة وفضلها والتحريض عليها» باب «قبول الهدية من المشركين» حديث (2617)، ومسلم في كتاب «السلام» باب «السم» حديث (2190)، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.

([2]) أخرجه أحمد في «مسنده» (3/ 210) حديث (13224) من حديث أنس رضي الله عنه، وذكره المقدسي في «المختارة» (7/ 87) وقال: «إسناده صحيح».

([3]) ففي الحديث المتفق عليه؛ الذي أخرجه البخاري في كتاب «البيوع» باب «شراء النبي صلى الله عليه وسلم بالنسيئة» حديث (2068)، ومسلم في كتاب «المساقاة» باب «الرهن وجوازه في الحضر كالسفر» حديث (1603)، من حديث عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعامًا إلى أجلٍ ورهنه درعًا له من حديد.

([4]) أخرجه مسلم في كتاب «المساقاة» باب «لعن آكل الربا ومؤكله» حديث (1598) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.

تاريخ النشر : 29 نوفمبر, 2020
التصنيفات الموضوعية:   16 الأطعمة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend