السؤال
فضيلة الشيخ، حدثت مشكلة بين رجل وزوجته، فغضب الرجل من زوجته وأراد أن يعاقبها بعدم الجماع فقال لها: «أنت عليَّ زي أمي وأختي». وحينما عرض المشكلة على بعض أصحابه قال له أحدهم: «إن هذا ظِهار، وتجب فيه الكفارة وهي عتق رقبة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن تجامعها، فإن لم تستطع فأطعم ستين مسكينًا من قبل أن تجامعها». فصُدِمَ الرَّجل من كلامه، وقال له: «والله أنا كنت عاوز أعاقبها بعدم الجماع فترة معينة ولا أقصد ظهارًا ولا غيره؛ لأني مش عارف أصلًا إن فيه حاجة في الشرع اسمها ظهار». فما حكم الشرع في ذلك يا فضيلة الشيخ؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن مَن جَهِلَ ألفاظَ الطلاق وأحكامَه أو ألفاظ الظهار وأحكامه أي لا يعرف معناها فلا يلزمه شيء؛ لتخلُّفِ القصد إلى إيقاع الطلاق أو الظهار.
قال ابن قدامة في «المغني»: «فإن قال الأعجمي لامرأته (أنت طالق) ولا يفهم معناه لم تطلق؛ لأنه ليس بمختار للطلاق فلم يقع طلاقه كالمكْرَه»([1]). انتهى.
وفي «قواعد الأحكام في مصالح الأنام» للعز بن عبد السلام: «وإن قصد العربيُّ بنطق شيء من هذه الكلم مع معرفته بمعانيها نفذ ذلك منه، فإن كان لا يعرف معانيها مثل أن قال العربي لزوجته أنت طالق للسُّنة، أو للبدعة وهي حامل، بمعنى اللفظين، أو نطق بلفظ الخلع أو غيره أو الرجعة أو النكاح أوالإعتاق وهو لا يعرف معناه مع كونه عربيًّا، فإنه لا يؤاخذ بشيء من ذلك؛ إذ لا شعور له بمدلوله حتى يقصد إلى اللفظ الدالِّ عليه، وكثيرًا ما يخالع الجهال من الذين لا يعرفون مدلول اللفظ للخلع ويحكمون بصحته للجهل بهذه القاعدة»([2]). انتهى.
وقال الخرشي في «شرحه لمختصر خليل المالكي»: «يعني أن من لُقِّنَ لفظ الطلاق بالعجمية أو بالعكس فأوقعه وهو لا يعرف معناه، فإنه لا يلزمه شيءٌ، لا في الفتوى ولا في القضاء؛ لعدم القصد الذي هو ركن في الطلاق، فإن فهم، فإنه يلزمه اتفاقًا»([3]). انتهى.
فإن لم يقصد الظِّهار لأنه لا يعرف شيئًا في الشرع اسمه ظهار، وقصد به مجرَّد الامتناع من جماع زوجته، فإنه يحتسب عليه يمينًا فتلزمه كفارة يمين، ولكن عليه أن يحْذَرَ؛ لأنه من الآن فصاعدًا قد بلغته الدعوة، وأقيمت عليه الحُجَّة، فإن تكرر ذلك منه في المستقبل كان ظهارًا. والله تعالى أعلى وأعلم.
__________________