يا شيخنا الفاضل، أخي يتدرب في مستشفى في المانيا كطبيب، الفجر عندهم في الساعة ٣:٣٠ ص، والمغرب ٩:١٥ م، بمعنى أن ساعات الصوم حوالي ثماني عشرة ساعة. فهل عليه الصوم طبقًا لهذه المواقيت، أم لهذه البلاد فتاوى خاصة؟ وهل له رخصة في الفطر؛ لأنه مسافر؟ جزاك الله خيرًا، وأحبك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإنه متى افترق الليل عن النهار فإن مواقيت الصلاة والصيام تبقى كما شرعها الله ورسوله، فهي بالنسبة للصوم من طلوع الفجر إلى مغيب الشمس؛ لقوله تعالى:﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾ [البقرة: 187]
ولكن يبقى النظر في البلاد التي يطول فيها الليل أو يطول فيها النهار، فقد يمتد أحدهما إلى بضعة أشهر، فأهل هذه البلاد وأمثالها يلجئون إلى التقدير فيصومون بصوم أقرب بلد معتدل إليهم يفترق فيه الليل عن النهار، ومن أهل العلم من قال: إن هؤلاء يقدرون صومهم وفطرهم بصيام أهل مكة وفطرهم.
والأصل في التقدير في مثل هذه الحالة ما جاء في حديث النواس بن سمعان عن الدجال، من قول النبي صلى الله عليه وسلم عندما سأله أصحابه عن اليوم الذي كسنة: هل تكفينا فيه صلاة يوم؟ فقال: «لَا، اقْدرُوا لَهُ قَدْرَهُ»(1).
وأيًّا كان الرأي في هذه المسألة فهذه ليست المسألة التي تستفتي فيها بارك الله فيك.
أما الفطر بالنسبة للمسافر فهي رخصة مشروعة؛ لقوله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: 184]
ولكن حكم السفر أيها الموفق ينتهي إذا أجمع المسافر الإقامة أكثر من أربعة أيام عند الجمهور(2)، أو أكثر من خمسة عشر يومًا عند بعض أهل العلم، فإذا نوى الإقامة هذه المدة فقد انقطع عنه حكم السفر، ولم يعد من أهل هذه الرخصة، بارك الله فيكم وزادكم حرصًا وتوفيقًا، وأحبكم الله الذي أحببتموني فيه. والله تعالى أعلى وأعلم.
________________
(1) أخرجه مسلم في كتاب «الفتن وأشراط الساعة» باب «ذكر الدجال وصفته وما معه» حديث (2937) من حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه .
(2) جاء في «المجموع» من كتب الشافعية (4/238-243): «قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالأَصْحَابُ: إنْ نَوَى إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ صَارَ مُقِيمًا وَانْقَطَعَتْ الرُّخَصُ».
وجاء في «الكافي في فقه الإمام أحمد» (1/310): «إن نوى الإقامة أربعة أيام أتم».
وجاء في «المغني» من كتب الحنابلة (2/212-213): «إذا نوى إقامة أربعة أيام أتم، وإن نوى دونها قصر. وهذا قول مالك، والشافعي، وأبي ثور، وهو المشهور عن أحمد».