طلبت مني طبيبة رسمَ أمٍّ ترضع ابنها لتعليقها في عيادتها مقابل مبلغ من المال، وأنا بأشد الحاجة لهذا المبلغ، فما حكم الشرع في هذا العمل؟ مع العلم أني متخرجة في كلية الفنون الجميلة- فنون تشكيلية، منذ أربع سنوات ولم يتم تعييني بعد، وهل رسم الحشرات (النمل مثلًا) حرام؟ مع العلم أن رسمها أكسب منه مالًا كذلك؟ وجزاكم الله كل خير.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإذا كان هذا الرسم في إطار تعليمي أو دعوي فلا حرج، أما إذا كان لمجرد تزيين المكان ونحوه فإنه لا يشرع؛ للأحاديث الكثيرة الواردة في النهي عن التصوير وفي توعد المصورين، نذكر منها حديث عائشة: «أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ الله»»(1).
وحديث ابن عباس رضي الله عنه : «كُلُّ مُصَوِّرٍ فِي النَّارِ يَجْعَلُ لَهُ بِكُلِّ صُورَةٍ صَوَّرَهَا نَفْسًا فَتُعَذِّبُهُ فِي جَهَنَّمَ»(2).
وحديث أبي طلحة رضي الله عنه : «لَا تَدْخُلُ الْـمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةُ تَمَاثِيلَ»(3).
وقد استثنت النصوص من التحريم ما كان من جنس لعب البنات، ويقاس عليه كل ما كان لغرض مشروع كالتعليم أو الدعوة أو الاحتياطات الأمنية، ونحوه نذكر منه:
ما روي عن عائشة ل أنها كانت تلعب بالبنات عند النبي ﷺ(4).
وعن عائشة ل قالت: قدم رسول الله ﷺ من غزوة تبوك أو خيبر. وذكَرت أنه رأى بناتٍ لها وفي وسطهن فرس له جناحان(5).
وعن الرُّبيِّع بنت معوذ أنهم كانوا يصوِّمون صبيانهم يوم عاشوراء ويجعلون لهم اللعبة من العهن، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطي تلك اللعبة(6).
ومما سبق يعلم الجواب، والله تعالى أعلى وأعلم.
___________________
(1) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب «اللباس» باب «ما وطئ من التصاوير» حديث (5954)، ومسلم في كتاب «اللباس والزينة» باب «تحريم تصوير صورة الحيوان» حديث (2107).
(2) أخرجه مسلم في كتاب «اللباس والزينة» باب « تحريم تصوير صورة الحيوان» حديث (2110).
(3) أخرجه البخاري (3225).
(4) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب «الأدب» باب «الانبساط إلى الناس» حديث (6130)، ومسلم في كتاب «فضائل الصحابة» باب «في فضل عائشة» حديث (2440).
(5) أخرجه أبو داود في كتاب «الأدب» باب «في اللعب بالبنات» حديث (4932)، وصححه الألباني في «مشكاة المصابيح» حديث (3265).
(6) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب «الصوم» باب «صوم الصبيان» حديث (1960)، ومسلم في كتاب «الصيام» باب «من أكل في عاشوراء فليكف في بقية يومه» حديث (1136).