أنا من الإسكندرية، وأريد أن أعرف: هل شرب السجائر حرام أم ماذا؟ شكرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فقد جاءت الشريعة المطهرة بحِلِّ الطيبات وحرمة الخبائث، ويُجمع العقلاء يا بني أن السجائر ليست من الطيبات، كما جاءت الشريعة بحرمة المضار في الجملة وإباحة المنافع في الجملة، ويتفق الأطباء اليوم أن السجائر تضرُّ بالصحة أبلغَ ضررٍ، وأصبحت وزارات الصحة تُلزم الشركات المنتجة للدخان أن تكتب على غلاف العلب التي تحتوي السجائر بأن التدخين ضارٌّ جدًّا بالصحة ومُسبِّب لكثير من الأمراض القاتلة، ولم يُصبح هذا موضع جدل ولا مماراة، فضلًا عن كون إنفاق المال في هذا المجال تبذير وسفه وإنفاق للمال فيما لا يحل للمرء أن يُنفقه فيه.
وإذا كان ذلك كذلك فقد اتَّفقت كلمةُ مَن يُنقَل عنهم العلم أن السجائر من المحرمات، فقد أصدرت دار الإفتاء المصرية في عهد الدكتور نصر فريد واصل فتوى شرعية بالحرمة القطعية للتدخين، وذلك في فتواها الصادرة في 25 جمادى الأولى 1420هـ، جاء فيها:
«إن العلم قد قطع في عصرنا الحالي بأضرار استخدامات التبغ على النفس، ولما فيه من إسراف وتبذير نهى اللهُ عنهما، والله تعالى يقول: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: 29]، ويقول: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: 195].
وقد سُئل الشيخ ابن عثيمين: ما حكم شرب الدخان أو بيعه؟
فأجاب: شرب الدخان محرم، وكذلك بيعه وشراؤه وتأجير المحلات لمن يبيعه؛ لأن ذلك من التعاون على الإثم والعدوان، ودليل تحريمه قوله تعالى: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا﴾ [النساء: 5] ووجه الدلالة من ذلك أن الله تعالى نهى أن نُؤتي السفهاء أموالنا؛ لأن السفيهَ يتصرف فيها بما لا ينفع، وبيَّن عز و جل أن هذه الأموال قيامٌ للناس لمصالح دينهم ودنياهم، وصَرْفها في الدخان ليس من مصالح الدين ولا من مصالح الدنيا، فيكون صرفها في ذلك منافيًا لما جعله اللهُ تعالى لعباده، ومن أدلة تحريمه قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: 29]، ووجه الدلالة من الآية أنه قد ثبت في الطب أن شرب الدخان سبب لأمراض مستعصية تئول بصاحبها إلى الموت، مثل السرطان، فيكون متناولها قد أتى سببًا لهلاكه.
كما أصدر مفتي سورية الشيخ أحمد بدر الدين حسون، أصدر فتوى تم بمُوجَبها تحريم التدخين بأنواعه، بما فيه النرجيلة، وتحريم بيع منتجاته وشرائها، وتأجير المحلات لمن يبيعها.
فنسأل اللهَ أن يُجنِّبك إياها، وألا يُزيِّنها لك خِلَّان السوء. والله تعالى أعلى وأعلم.