هل يجوز حضور الأفراح والمناسبات في الفنادق التي بها الملاهي الليلية وتبيع الخمور؟ مع العلم أن المناسبة ليس بها خمور أو رقص ولكن يوجد اختلاط، وإذا كان الجواب هو لا فهل غضب الأهل يبيح الذهاب من باب درء المفسدة، أم أعتذر عن الذهاب وليغضب من يغضب مع محاولة الاعتذار الشديد لهم؟ وجزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن أكثر العلماء على وجوب دعوة الوليمة إذا كانت لعرس، لقول النبي ﷺ: ««إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْوَلِيمَةِ فَلْيَأْتِهَا»»(1).
ومن شروط وجوب الإجابة: ألا تشتمل الوليمة على منكر، ولا يستطيع تغييره، فإن كان يستطيع تغييره لزمته الإجابة والتغيير.
أما إن كانت الدعوة لغير عرس فلا تلزم إجابتها، ولكن تستحب؛ لما في ذلك من جبر لخاطر الداعي، وإدخال السرور عليه، ولأنه من الحقوق العامة بين المسلمين، كما قال النبي ﷺ في معرض بيانه لحقوق المسلم على أخيه: «وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ»(2).
فمن الأسباب المبيحة للتخلف عن الوليمة وجود منكر لا تقدر على تغييره، وليس المقصود هنا هو الحديث عن وجود الخمور في مثل هذه الفنادق، فإن هذا مما عمَّت به البلوى في هذه المجتمعات، وإنما يكفي ألا تشتمل الوليمة التي دعيت إليها على خمور، ولكن المقصود هو ما أشرت إليه من الاختلاط بين الرجال والنساء، والذي يصحبه في الغالب من التبرج ما لا يرضى عنه الله ورسوله ﷺ، وعلى هذا فلا يلزمك شرعًا حضور هذه المناسبات التي يقع فيها الاختلاط على هذا النحو، ولكن إذا خشيت أن يؤدي ذلك إلى تقاطع وتدابر، ولم يتيسر لك اعتذار مقبول، فيمكنك الحضور بالقدر الذي يرفع الحرج، ويزيل أسباب العداوة، مع الحرص على أن تنتحي جانبًا قدر الطاقة لتتجنب مخالطة القوم في مثل هذه المجالس، وأن تحرص كذلك على عدم إطالة المكث {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا﴾ [الفرقان: 72]، والتعليل بأن مثلك لا يتسنى له المكث والجلوس في مثل هذه المجالس المختلطة إلا آمرًا بالمعروف وناهيًا عن المنكر ومذكرًا بالله عز و جل ، فإن سمحوا لك بذلك فبها ونعمت، وإلا فلا. والله تعالى أعلى وأعلم.
_________________
(1) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب «النكاح» باب «حق إجابة الوليمة والدعوة» حديث (5173)، ومسلم في كتاب «النكاح» باب «الأمر بإجابة الداعي إلى دعوة» حديث (1429) من حديث ابن عمر رضي الله عنه .
(2) أخرجه مسلم في كتاب «السلام» باب «من حق المسلم للمسلم رد السلام» حديث (2162) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .