نعاني من انتشار النَّمل والصراصير في بيتنا، ونريد استخدام المبيدات الحشرية ولكن نخشى أن نخالف أمر الرَّسول ﷺ؛ لذلك فقد أغلقنا جحور النَّمل ولكن يجب استخدام المبيدات لباقي الحشرات، وربَّما يؤثِّر هذا على النَّمل، فهل يجوز؟ وما هو الحلُّ المناسب؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فلا حرج في قتل المؤذي من هذه الحشرات بما تيسَّر من أنواع المبيدات؛ لقول النَّبيِّ ﷺ: «خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ كُلُّهُنَّ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ فِي الْـحِلِّ وَالْـحَرَمِ: الْغُرَابُ، وَالْـحِدَأَةُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ»(1). وجاء في الحديث الآخر الصحيح ذِكرُ الحيَّة(2).
وهذا الحديث الصحيح عن النَّبيِّ ﷺ يدلُّ على شرعيَّة قتل هذه الأشياء المذكورة وما في معناها من المؤذيات كالنَّمل والصراصير والبعوض والذُّباب والسباع دفعًا لأذاها.
أما إذا كان النَّمل لا يؤذي فإنه لا يُقتل؛ لأن النَّبيَّ ﷺ نهى عن قتل النَّملة والنَّحلة والهدهد والصُّرَد(3)، وذلك إذا لم يؤذِ شيءٌ منها.
أما إذا حصل منه أذًى فإنه يلحق بالخمس المذكورة في الحديث، ولكن لا يُحرق بالنار؛ لما ورد من النَّهي عن ذلك(4). واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
________________
(1) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب «بدء الخلق» باب «خمس من الدواب فواسق يقتلن في الحرم» حديث (3314)، ومسلم في كتاب «الحج» باب «ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب» حديث (1198) من حديث عائشة.
(2) أخرجه مسلم في كتاب «الحج» باب «ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب» حديث (1198) من حديث عائشة.
(3) أخرجه أبو داود في كتاب «الأدب» باب «في قتل الذر» حديث (5267)، وابن ماجه في كتاب «الصيد» باب «ما ينهى عن قتله» حديث (3224) من حديث ابن عباس ب، وذكره ابن حجر في «تلخيص الحبير» (2/275) وقال: «رجاله رجال الصحيح؛ قال البيهقي: هو أقوى ما ورد في هذا الباب»، وذكره ابن الملقن في «البدر المنير» (6/345) وقال: «إسناده صحيح».
(4) فقد أخرج أبو داود في كتاب «الأدب» باب «في قتل الذر» حديث (5268) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله ﷺ في سفر فانطلق لحاجته فرأينا حمرة معها فرخان فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمرة فجعلت تفرش، فجاء النبي ﷺ فقال: «مَنْ فَجَعَ هَذِهِ بِوَلَدِهَا؟ رُدُّوا وَلَدَهَا إِلَيْهَا». ورأى قرية نمل قد حرقناها فقال: «مَنْ حَرَّقَ هَذِهِ؟» قلنا: نحن. قال: «إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَذِّبَ بِالنَّارِ إِلَّا رَبُّ النَّارِ»، وذكره ابن مفلح في «الآداب الشرعية» (3/354) وقال: «إسناده جيد».