أنا أعاني من الوسوسة الشديدة، سواء كانت في الصلاة أو العبادات أو الأفكار حول الدين، وأردت سؤالكم:
هنالك أشياء معينة إذا فعلتها أبدأ في التفكير في أفكار سيئة جدًّا، كمشاهدة التلفاز، فعندما أشاهد التلفاز تنتابني أفكار سيئة عن الرسول والصحابة، ومن وسوستي أقول في نفسي: إنه علي مثلًا ألا أشاهد التلفاز؛ لأنني عندما أفعل تنتابني الوسوسة، وإنه مثلًا إذا شاهدت التلفاز وأصابتني أفكار كفرية فإنني بمشاهدتي التلفاز مع عدم قصد التفكير في هذه الأفكار أكفر بالله تعالى؟
فأفتوني بالحكم جزاكم الله خيرًا؛ فأنا لا يمكنني إيقاف هذه الأفكار، وفي نفس الوقت لا يمكنني عيش حياتي بسبب هذه الوساوس.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فينبغي عدم الاسترسال مع هذه الخطرات والوسواس وقطعها في مبادئها، مع تجنب الأسباب التي تدعو إليها وتثيرها، فإذا كانت مشاهدة التلفاز سببًا من أسباب زيادة هذه الوساوس فيصبح الحزم تجنب ذلك إلا بقدر الحاجات الماسة.
وأبشرك بأن الله قد تجاوز لهذه الأمة عما حدثت به نفسها ما لم تعمل به أو تتكلم به(1). وأن الصحابة سألوا رسول الله عن شيء قريب من ذلك؛ ففي «صحيح مسلم» أن ناسًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدُنا أن يتكلَّم به؟ فقال: «أَوَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟». قالوا: نعم. قال: «ذَاكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ»(2). أي مغالبة ذلك وعدم الاستجابة له أو التاثر به صريح الإيمان.
ونسأل الله يا بنيتي أن يصرف عنك السوء، وأن يجنبك الفتن ما ظهر منها وما بطن. والله تعالى أعلى وأعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب «الطلاق» باب «الطلاق في الإغلاق والكره والسكران والمجنون» حديث (5269)، ومسلم في كتاب «الإيمان» باب «تجاوز الله عن حديث النفس والخواطر بالقلب» حديث (127) من حديث أبي هريرة ، بلفظ: «إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ».
(2) أخرجه مسلم في كتاب «الإيمان» باب «بيان الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها» حديث (132) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .