إجهاض الجنين بعد الأسبوع الثالث عشر إذا تبين وجود مرض وراثي به يودي به إلى الموت بعد ولادته

قصتي بدأت عندما رزقت بولدي الأول، عاش ولدي خمسة أيام ثم توفاه الله. بطلب من الطبيب الذي تابع مرض ولدي ولأنه شخَّص أن المرض هو مرض وراثي قد يتكرر إذا ما أنجبنا ولدًا آخر- قمنا بإجراء تشريح لجثة ولدي لمعرفة نوع المرض، وما إذا كان وراثيًّا أو لا.
النتائج النهائية أثبتت التالي:
مرض ولدي وراثي من الأم والأب معًا.
اسم المرض: acedemie metalmalonique. هذا المرض يضمُّ العديد من الأمراض؛ مرض ولدي هو الأخطر، وحامله محكوم عليه بالموت الأكيد بعد أسبوع على الأكثر من ولادته، كما اقترح الطبيب استنادًا إلى الدراسات التي أجراها على مدى سبعة أشهر حلَّين:
الأول: إجراء فحص على عينة تؤخذ من العامود الفقري للجنين وهو في رحم الأم في أسبوعه الحادي عشر، نتائج الاختبار تحتاج لأسبوعين، وبناءً على النتيجة إذا كان الجنين حاملًا للمرض فسيكون محكوم عليه بالموت كما أكد الطبيب، وبناءً عليه يترك لنا الطبيب حرية الاحتفاظ أو إجهاض الجنين.
ثانيًا: ولخطورة الحل الأول على الجنين وعلى الأم يُمكن أخذ العينة من الماء الذي يتكون حول الجنين في الأسبوع الخامس عشر. هذا الحل أقل خطورة ويؤدي إلى نفس النتيجة.
هل يجوز إجهاض الجنين بعد العلم أنه مصاب بالمرض؟ مع العلم أن الفحص يجب القيام به.
وللمصادفة أصيب ابن ابن عمي بنفس المرض مع علم الطبيب بمرضه، إلا إنه توفي بعد ولادته بأسبوع؛ مما أدى إلى ألم كبير للأم وللأب طيلة الحمل وعند الوفاة.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فأسأل الله جل وعلا أن يجبر كسرك، وأن يعوضك خيرًا، وأن يبني لك في الجنة بيتَ الحمد، إنه ولي ذلك والقادر عليه، اللهم آمين. وأبشرك بهذا الحديث الذي رواه الترمذي ( 942 ) عَنْ أَبِي سِنَانٍ قَالَ (دَفَنْتُ ابْنِي سِنَانًا وَأَبُو طَلْحَةَ الْخَوْلانِيُّ جَالِسٌ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ فَلَمَّا أَرَدْتُ الْخُرُوجَ أَخَذَ بِيَدِي فَقَالَ أَلا أُبَشِّرُكَ يَا أَبَا سِنَانٍ قُلْتُ بَلَى فَقَالَ حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَرْزَبٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ” إِذَا مَاتَ وَلَدُ الْعَبْدِ قَالَ اللَّهُ لِمَلائِكَتِهِ قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي فَيَقُولُونَ نَعَمْ فَيَقُولُ قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ فَيَقُولُونَ نَعَمْ فَيَقُولُ مَاذَا قَالَ عَبْدِي فَيَقُولُونَ حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ فَيَقُولُ اللَّهُ : ” ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَسَمُّوهُ بَيْتَ الْحَمْدِ “) حسنه الألباني في السلسة الصحيحة ( 1408 )
وبعد فإن إجهاض الجنين المشوَّه إنما يرخص فيه في الشهور الأربعة الأولى أي قبل أن تنفخ فيه الروح، إذا كان مشوها تشويهًا خطيرًا، غير قابل للعلاج، وأنه إذا بقي وولد في موعده، ستكون حياته سيئة، وآلامًا عليه وعلى أهله، ومن باب أولى إذا استيقن من موته على النحو الوارد في السؤال.
أما بعد ذلك فلا يجوز إجهاضه، إلا لإنقاذ أمِّه من خطر مستيقن على حياتها.
وبهذا صدرت قرارات المجامع الفقهية نذكر منها على سبيل المثال، قرار المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي سنة 1990؛ فقد نصَّ على ما يلي:
– إذا كان الحمل قد بلغ مائةً وعشرين يومًا، لا يجوز إسقاطه، ولو كان التشخيص الطبي يفيد أنه مشوه الخلقة؛ إلا إذا ثبت بتقرير لجنة طبية، من الأطباء الثقات المختصين، أن بقاء الحمل فيه خطر مؤكد على حياة الأم، فعندئذ يجوز إسقاطه، سواء كان مشوهًا أم لا، دفعًا لأعظم الضررين.
– قبل مرور مائة وعشرين يومًا على الحمل، إذا ثبت وتأكد بتقرير لجنة طبية من الأطباء المختصين الثقات- وبناء على الفحوص الفنية، بالأجهزة والوسائل المختبرية- أن الجنين مشوَّه تشويهًا خطيرًا، غير قابل للعلاج، وأنه إذا بقي وولد في موعده ستكون حياته سيئة، وآلامًا عليه وعلى أهله، فعندئذ يجوز إسقاطه بناء على طلب الوالدين.
والمجلس إذ يقرر ذلك يوصي الأطباء والوالدين بتقوى الله، والتثبت في هذا الأمر. والله ولي التوفيق.
وبناء على ما ورد في سؤالك من أنه لا سبيل إلى اكتشاف هذا التشوُّه إلا بعد مضي 13 أسبوعًا على الأقل، فلا يصلح الإجهاض في هذه الحالة، ويمكنك تجنب الإنجاب من البداية إن شئت، أو أن تصبر على قدر الله عز وجل، لعل الله أن ينقذه بلطف من عنده. والله تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 10 ديسمبر, 2025
التصنيفات الموضوعية:   13 الجنايات

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend