اختلفتُ مع أخت من الأخوات قالت لي: إن ردَّ العاطس بقول: يهديكم الله ويصلح بالكم. لا أصل له في الشرع، وإنما الصواب أن يقال: يرحمنا ويرحمكم الله. لأن الرحمة أوسع من الهداية، ولأن هذه الكلمة لا تُقال إلا لغير المسلم. فما هو القول الصواب في ذلك؟ أفتونا مأجورين.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن السنة أن يشمت العاطس المسلم بقول: يرحمكم الله. وأن يجيب بقول: يهديكم الله ويصلح بالكم. ففي الحديث الذي رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: الْـحَمْدُ لله. وَلْيَقُلْ لَهُ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ: يَرْحَمُكَ الله. فَإِذَا قَالَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللهُ. فَلْيَقُلْ: يَهْدِيكُمُ اللهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ»(1).
أما إذا كان العاطس غيرَ مسلم فإنه يشمت بقول: يهديكم الله ويصلح بالكم. فقد ثبت: أن اليهود كانوا يتعاطسون عند النبي صلى الله عليه وسلم رجاءَ أن يقول لهم: يرحمكم الله. فكان يقول: «يَهْدِيكُمُ اللهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ»(2).
وهناك صيغ أخرى يشرع قولها لمن عطس وهي:
ما جاء عند أبي داود، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُل: الْـحَمْدُ لله عَلَى كُلِّ حَالٍ»(3).
وكذلك يشرع له ما جاء عند البخاري في «الأدب المفرد» موقوفًا على ابن مسعود قال: «إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد لله رب العالمين، وليقل من يرد: يرحمك الله، وليقل هو: يغفر الله لي ولكم». صححه الألباني.
والأمر في ذلك واسع والحمد لله. والله تعالى أعلى وأعلم.
___________
(1) أخرجه البخاري في كتاب «الأدب» باب «إذا عطس كيف يشمت» حديث (6224).
(2) أخرجه أبو داود في كتاب «الأدب» باب «كيف يشمت الذمي» حديث (5038)، والترمذي في كتاب «الأدب» باب «ما جاء كيف تشميت العاطس» حديث (2739) من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه. وقال الترمذي: «حسن صحيح». وصححه الألباني في «إرواء الغليل» حديث (1277).
(3) أخرجه أبو داود في كتاب «الأدب» باب «ما جاء في تشميت العاطس» حديث (5033)، وذكره الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (5033).