صلاة الجمعة قبل الزوال
السؤال:
السلام عليكم شيخنا الفاضل، أطال الله فى عمرك هل يجوز لنا اقامة صلاة الجمعة قبل الزوال ؟
أفيـدونى أثـابكـم الله . .
الجواب:
بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحِيم
الحمدلله، والصلاة والسلام على رَسُولَ اللَّهِ ﷺوعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعـــد:
فإن صلاة الجمعة قبل الزوال موضع نظر عند أهل العلم: منعها الجمهور، وأجازها الحنابلة،
ومن أدلة الجمهور على كونها بعد الزوال:
ما رواه مسلم (860) عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رضي الله عنه قَالَ:
(كُنَّا نُجَمِّعُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ ثُمَّ نَرْجِعُ نَتَتَبَّعُ الْفَيْءَ).
وبما رواه البخاري (904) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ حِينَ تَمِيلُ الشَّمْسُ).
ومن أدلة الحنابلة على جوازها قبل الزوال:
▪️ ما رواه مسلم (858) عَنْ أبي جَعْفَرٍ الباقر أَنَّهُ سَأَلَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ:
مَتَى كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ؟ قَالَ: (كَانَ يُصَلِّي ثُمَّ نَذْهَبُ إِلَى جِمَالِنَا فَنُرِيحُهَا حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ).
▪️وما رواه البخاري ومسلم عَنْ سَهْلٍ بن سعد رضي الله عنه قَالَ:
(مَا كُنَّا نَقِيلُ وَلَا نَتَغَدَّى إِلَّا بَعْدَ الْجُمُعَةِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).
ووجه الاستدلال به: أن الغداء والقيلولة محلهما قبل الزوال. وحكوا عن ابن قتيبة أنه قال:
“لا يسمى غداء ولا قائلة بعد الزوال”.
فالمسألة في محل الاجتهاد، ويجمع بين الأحاديث: بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصليها بعد الزوال أكثر الأحيان،
ويصليها قبل الزوال قريبا منه أحيانا، فلا حرج في صلاتها قبل الزوال للحاجة،
ولا سيما مع العذر وهو اختيار مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا .
جاء في قرار المجمع (إذا دعت الضرورة أو اقتضت الحاجة تقديم صلاة الجمعة أو خطبتها قبل الزوال جاز ذلك عملا بمذهب الإمام أحمد رحمه الله)
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء ببلاد الحرمين هل تجوز صلاة الجمعة قبل الزوال بساعة
– لضرورة دخول العمل في فرنسا – مع العلم أننا إذا لم نصلها قبل الدخول إلى العمل وذلك قبل الزوال بساعة لم نصل الجمعة،
فهل للضرورة إباحة؟
فأجابوا :(في تحديد أول وقت صلاة الجمعة خلاف بين العلماء، فذهب أكثر الفقهاء إلى أن أول وقتها هو أول وقت الظهر وهو زوال الشمس،
فلا تجوز صلاتها قبل الزوال بكثير ولا قليل، ولا تجزئ؛ لقول سلمة بن الأكوع رضي الله عنه:
(كنا نجمع مع النبي صلى الله عليه وسلم إذا زالت الشمس، ثم نرجع نتبع الفيء) رواه البخاري ومسلم.
ولقول أنس رضي الله عنه :(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة حين تميل الشمس) رواه البخاري.
وقال جماعة: لا يجوز قبل السادسة أو الخامسة. [أي: قبل وقت صلاة الظهر بنحو ساعة أو ساعتين].
▪️وذهب الإمام أحمد بن حنبل وجماعة إلى أن أول وقتها هو أول وقت صلاة العيد،
أما الزوال فهو أول وقت وجوب السعي إليها، واستدلوا لجواز صلاتها قبل الزوال بقول جابر رضي الله عنه:
(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي – يعني الجمعة – ثم نذهب إلى جمالنا فنريحها حين تزول الشمس) رواه مسلم.
ولقول سلمة بن الأكوع رضي الله عنه:
(كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة ثم ننصرف وليس للحيطان فيء) رواه أبو داود.
ويجمع بين الأحاديث: بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصليها بعد الزوال أكثر الأحيان، ويصليها قبل الزوال قريبا منه أحيانا.
وعلى هذا فالأولى أن تصلى بعد الزوال رعاية للأكثر من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وخروجا من الخلاف،
وهذا مما يدل على أن المسألة اجتهادية، وأن فيها سعة، فمن صلى قبل الزوال قريبا منه فصلاته صحيحة إن شاء الله،
ولا سيما مع العذر، كالعذر الذي ذكره السائل ” انتهى. “فتاوى اللجنة الدائمة” (8/216-217).
هذا وباللهِ التوفيـق و الله أعـلىٰ وأعلـم
يمكنكم الإطلاع على المزيد من فتاوى الصلاة الخاصة بفضيلة الشيخ الدكتور صلاح الصاوي.
كما ويمكنكم متابعة كافة الدروس والمحاضرات والبرامج الخاصة بفضيلة الشيخ الدكتور صلاح الصاوي