السَّلام عليكم. مرَّت عليَّ أزماتٌ منذ بداية هذه السَّنة، وأكتب سؤالي هذا لعلي أجد عندكم حلًّا أو على الأقل أنسًا يُخفِّف عليَّ مِـحَني هذه.
حالتي هي كالتَّالي: أنا مُقيم بكندا منذ ثماني سنواتٍ، يسَّر اللهُ فيها أن أدرس في ميدان الإعلاميات رغم الرأي المخالف لأصدقائي؛ لأن هذا الميدان فيه أزمةٌ، وبعد نهاية الدِّراسة التي استغرقت سنتين وفي السنوات الست التي تلتها تزوَّجت ثم قمتُ بفريضة الحجِّ بتيسيرٍ من الله. ومنذ بداية هذه السَّنة قرَّرت أن أبحث عن عملٍ، فاجتزت كثيرًا من الامتحانات، لكن النتيجة تكون دائمًا سلبيَّة، فيُصيبني إحباط بعده إحباط، لكن أُحاول أن أقنع نفسي أن اللهَ أغلق هذه الأبواب ليفتح بابًا مناسبًا لي، وفي كلِّ فرصةٍ للعمل أقول هذا هو الباب المناسب حتى أدَّى بي الحال أن أُفكِّر في القيام بدراسة جديدة في ميدانٍ جديد، لكن أُواجَه بنفس النَّتائج السَّلبية من عدم قبول ترشيحي، فأصبحت أسأل نفسي: هل أنا فاشلٌ في كلِّ الميادين.
ومرة مَرَّة يرجع بي تفكيري إلى الاختيار الأوَّل الذي قمت به في دراستي الأولى، هل أسأت الاختيار أم أن ذلك من تقدير الله؟
أسئلتي هي كالتَّالي: لأرتاح من أفكاري هذه أُريد أن أفهم ثلاثَ مسائل: هل الطَّريق الذي سلكتُه منذ مجيئي إلى كندا هو قدَرٌ قدره اللهُ تعالى عليَّ، أم أنه سوءُ اختيارٍ وتدبير مني؟ هل حالة انغلاق الأبواب كلِّها أمام وجهي رغم كفاءاتي الدِّراسيَّة هي ابتلاءٌ أم عقاب منه سبحانه؟ ما هي الموانع التي يُمكنها أن تعترضَ دعائي اليومي بتيسير أمر الرِّزق والعمل؟ وجزاكم اللهُ خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن كلَّ شيءٍ قد خلقه اللهُ بقدرٍ كما قال تعالى: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ [القمر: 49] وهذا لا يمنع من أن نتدبَّر أمورنا إذا نزلت بنا نازلةٌ لنبحث عن أسبابها في أنفسنا، كما قال تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ [الشورى: 30]، وقال تعالى: ﴿أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ﴾ [آل عمران: 165].
وما ينزل بنا من نوازلُ إن ردَّنا إلى الله عز و جل وجَعَلَنا نستكين له ونفرُّ إليه ونتضرَّع إليه فهو خيرٌ أراده اللهُ بنا ونعمةٌ تُضاف إلى نعمه التي لا تُعَد ولا تُحصى، وإن زادنا قنوطًا ويأسًا وحَمَلَنا على مزيدٍ من التَّفلُّت والسَّخَط والجَزَع فهو عقوبةٌ صبَّها الله عز و جل ، ولا تُستدفع إلا بالتَّوْبة الصَّادقة النَّصُوح، ولا شيءَ يحجب قبولَ الدُّعاء مثل الغفلة والذُّنوب؛ فتُبْ إلى الله عز و جل ، ولا يزال لسانُك رطبًا بذكره، وأحسن ظنَّك به، ولُذْ بأبوابه وأَنِخْ مطاياك بأعتابه، واستعن على ذلك كلِّه بقيام الأسحار ومداومةِ الاستغفار والصَّلاةِ باللَّيل والنَّاسُ نيام، وستجد من ألطاف ربِّك ورحماته ما لم يكن يخطر لك على بال.
شملنا الله وإيَّاك بلطفه ورحمته. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.