شخص لسانه سيئ، فهل يُحَذَّرمنه؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن الأصل في الغيبة التحريم، وأنها من الكبائر، فلا يرخَّص فيها إلا لغرض صحيح شرعي لا يمكن الوصول إليه إلا بها، وقد فصَّل النووي : في كتابه «رياض الصالحين» القول في ذلك فقال: «اعلم أن الغيبة تباح لغرض صحيح شرعي لا يمكن الوصول إليه إلا بها، وهو بستة أسباب:
• الأول: التظلم: فيجوز للمظلوم أن يتظلَّم إلى السلطان والقاضي وغيرهما ممن له ولاية أو قدرة على إنصافه من ظالمه، فيقول: ظلمني فلان كذا.
• الثاني: الاستعانة على تغيير المنكر ورد العاصي إلى الصواب: فيقول لمن يرجو قدرته على إزالة المنكر: فلان يعمل كذا، فازجره عنه. ونحو ذلك.
• الثالث: الاستفتاء: فيقول للمفتي: ظلمني أبي أو أخي أو زوجي أو فلان بكذا، فهل له ذلك؟ وما طريقي في الخلاص منه، وتحصيل حقي، ودفع الظلم؟ ونحو ذلك.
• الرابع: تحذير المسلمين من الشر ونصيحتهم: وذلك من وجوه:
منها: جرح المجروحين من الرواة والشهود، وذلك جائز بإجماع المسلمين، بل واجب للحاجة.
ومنها: المشاورة في مصاهرة إنسان، أو مشاركته، أو إيداعه، أو معاملته، أو غير ذلك، أو مجاورته، ويجب على المشاور أنه لا يُخفي حاله، بل يذكر المساوئ التي فيه بنية النصيحة.
• الخامس: أن يكون مجاهرًا بفسقه أو بدعته: كالمجاهر بشرب الخمر، ومصادرة الناس وأخذ المكس، وجباية الأموال ظلمًا، وتولي الأمور الباطلة، فيجوز ذكره بما يجاهر به، ويحرم ذكره بغيره من العيوب، إلا أن يكون لجوازه سبب آخر مما ذكرنا.
• السادس: التعريف: فإن كان الإنسان معروفًا بلَقَب؛ كالأعمش والأعرج والأصم والأعمى والأحول وغيرهم، جاز تعريفهم بذلك، ويحرم إطلاقه على وجه التنقيص، ولو أمكن تعريفه بغير ذلك، كان أولى»(1).
فتأمل الحالة الرابعة من حالات الترخُّص في الغِيبة؛ فإن رأيتها تنطبق على الحالة المذكورة فإنه يرخَّص لك من ذلك ما تندفع به الحاجة، فإن الناس جميعًا لن يتعاملوا مع هـذا الرجل، ولن يبلغهم جميعـًا شره، فمن كان محتملًا أن يبلغه شره لمخالطة أو نحوه، وكان سينتفع من هذا التحذير؛ فلا حرج. والله تعالى أعلى وأعلم.
________________
(1) «رياض الصالحين» ص280.