أنا أفعل ذنوبًا كثيرة، كمعاصي الخلوة والنظر إلى النِّساء والاستمناء، مع أنني أحافظ على الصَّلاة وصيام الإثنين والخميس، ولكن دائمًا نفسي أمارة بالسوء تدعوني إلى الفجور في الخلوات. أريد الحل رزقكم الله الصحة والعافية، ورزقنا وإياكم الإخلاص في القول والعمل.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمَّا بعد:
فإن فتنتك على ما يبدو من النِّساء، فأول ما ننصحك به أن تُبادر إلى الزَّواج إن كنت عَزَبًا ومستطيعًا للباءة، فهذه وصية نبيِّك ﷺ: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيتزوَّجْ؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ».
أما إن كنتَ لا تستطيع الباءة فلتستعفف، كما قال تعالى: ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النور: 33]. وعليك بالصوم فهذه وصية نبيِّك كما رأيت في الحديث السابق، ثم اهجر خلَّان السُّوء، والْتَمِسْ لك رفقة صالحة تذكِّرك بالله إذا نسيت، وتُعينك على الخير إذا تذكرت، وداوم على الاستغفار كلما غلبَتْك نفسُك الأمَّارة بالسوء. ولا يزال لسانك رطبا بذكر الله؛ لأنه لا شيء أحفظُ للمرء من المداومة على الذِّكر؛ فإن: مثلَ من يذكر الله كمثل رجلٍ خرج العدوُّ في أَثَرِه سراعًا، حتى إذا أتى على حصنٍ حصين فأحرز نفسه منهم، فكذلك العبد لا يُحرز نفسَه من الشَّيطان إلا بذكر الله تعالى(1).
ثم أدم الضراعة إلى الله عز و جل أن يُذهب عنك كيد الشَّيطان وأن يحفظك بحفظه الذي لا يرام. ومن جانبي أسأل الله لك الحفظ والعصمة، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
_________________
(1) جزء من حديث يحيى وعيسى عليهما السلام الذي أخرجه الترمذي في كتاب «الأمثال» باب «ما جاء في مثل الصلاة والصيام والصدقة» حديث (2863) من حديث الحارث الأشعري رضي الله عنه ، وفيه: «وَآمُرُكُمْ أَنْ تَذْكُرُوا الله فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ خَرَجَ الْعَدُوُّ فِي أَثَرِهِ سِرَاعًا حَتَّى إِذَا أَتَى عَلَى حِصْنٍ حَصِينٍ فَأَحْرَزَ نَفْسَهُ مِنْهُمْ كَذَلِكَ الْعَبْدُ لَا يُحْرِزُ نَفْسَهُ مِنَ الشَّيْطَانِ إِلَّا بِذِكْرِ الله» وقال: «هذا حديث حسن صحيح».