بالنسبة لاستعمال المعازف والآلات الموسيقية مع الأغاني والأناشيد الملتزمة والدينية: هناك اختلاف بين العُلَماء حول هذا الموضوع، ولكلِّ فريقٍ أدلته التي استدلَّ بها.
ما هو الرَّأي الرَّاجح والذي من الممكن الاقتناع به واتِّباعه دون أيِّ شكٍّ أو شبهة؟ وأنا والإنسان العادي كيف له أن يعرف الصَّحيح وأنه لم يقع في الشُّبُهات؟ كيف لنا أن نُفرِّق؟
يقول النَّبيُّ ﷺ كما في حديث النُّعمان بن بشير : «إِنَّ الْـحَلَالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْـحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْـحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وَإِنَّ حِمَى الله مَحَارِمُهُ».
مثال: إذا أنا اقتنعتُ بأحد الرَّأيين وأخذتُ به كيف أعرف أنني لم أقع في الشُّبُهات، وبهذا أكون قد وقعت في الحرام وأحاسب عند رب العالمين ؟
أرجو التَّوضيح لمن يستمع للأناشيد المصاحبة لآلات العزف، وأيضًا للمنشدين الذين يستعملون الآلات الموسيقية أحيانًا للدعوة لاستدراج من يستمع للأغاني الماجنة لاستماع أغانٍ حلال، ولأهداف أخرى؟ جعله الله في ميزان حسناتكم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن الخلافَ الوارد في المعازف والآلات الموسيقيَّة خلاف ضعيف، وجمهور أهل العِلْم على المنع منها، وأدنى ما يُقال فيها أنها من المشتبهات(1)، واجتناب الشُّبُهات هو الأبرأ للذِّمَّة والأحوط في الدين والأرضى للرَّبِّ جلَّ وعلا.
ولكن يبقى بعد هذا أن هذه الأناشيد على ما فيها من الدخن خيرٌ من الأغنيات الماجنة التي تُثير الغرائز وتدعو إلى الفاحشة، وقد نَسْكُت عنها مؤقتًا رفقًا بالمدعوين وتدرُّجًا بهم على طريق الدَّعوة إلى الله عز و جل ، وتألفًا لقلوبهم على التَّقوى، وقد نَسْكُت عن المجادلة فيها في بعض الأوساط إذا كان هذا المراء سيجرُّ إلى ما هو أفسد منها، فإن مبنى الشَّريعة على تحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها، وإذا عرف مقصود الشَّارع سلكنا في تحصيله أوصل الطرق إليه. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
______________
(1) متفق عليه.