ما حكم الموسيقى التي نسمعها في الأغاني؟ والموسيقى وحدها؟ والموسيقى التي نسمعها مع البرامج الإخبارية؟ فأنا محتار! عندما أسمع أي نشرة أخبار لابد أن أسمع موسيقى في أولها وعند الانتهاء وفي الفواصل، فما الحكم؟ وما حكم نغمات الهاتف الجوال أيضًا؟ وما حكم الأغاني المعاصرة لكل المغنيين والمغنيات- وأقصد الصوتية غير المرئية؛ لأن المرئية معروف حكمها- فهل يجوز سماعها؟ أفتونا مأجورين بالأدلة والمراجع، وجزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن جل الأغاني المعاصرة وما يصحبها من موسيقى من مزامير الشيطان، وعشاقها ممن يشترون لهوَ الحديث ليصدوا عن سبيل الله، ولكن يفرق بين السماع والاستماع، فالذي دلت النصوص وأقوال أهل العلم على تحريمه(1) هو الاستماع وليس مجرد السماع، والسين والتاء في اللغة للطَّلَب، أي ما تطلب سماعه وتصيخ إليه بسمعك وتطرب له، أما ما يأتي من ذلك عرضًا أثناء نشرة الأخبار مثلًا أو الفواصل الموسيقية في بعض البرامج الوثائقية مما لا تصغي إليه، ولا تعيره انتباهًا، وليس هو المقصود بالسماع ابتداء، فلا حرج فيه. والله تعالى أعلى وأعلم.
___________________
(1) جاء في «المغني» (10/153-155): «روى نافع، قال: سمع ابن عمر مزمارا، قال: فوضع إصبعيه في أذنيه، ونأى عن الطريق، وقال لي: يا نافع، هل تسمع شيئا؟ قال: فقلت: لا. قال: فرفع إصبعيه من أذنيه، وقال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فسمع مثل هذا، فصنع مثل هذا. رواه الخلال في جامعه من طريقين، ورواه أبو داود في سننه، وقال: حديث منكر. وقد احتج قوم بهذا الخبر على إباحة المزمار، وقالوا: لو كان حراما لمنع النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمر من سماعه، ومنع ابن عمر نافعا من استماعه، ولأنكر على الزامر بها. قلنا: أما الأول فلا يصح؛ لأن المحرم استماعها دون سماعها، والاستماع غير السماع، ولهذا فرق الفقهاء في سجود التلاوة بين السامع والمستمع، ولم يوجبوا على من سمع شيئا محرما سد أذنيه، وقال الله تعالى: {وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه} ولم يقل: سدوا آذانهم. والمستمع هو الذي يقصد السماع، ولم يوجد هذا من ابن عمر، وإنما وجد منه السماع؛ ولأن بالنبي صلى الله عليه وسلم حاجة إلى معرفة انقطاع الصوت عنه؛ لأنه عدل عن الطريق، وسد أذنيه، فلم يكن ليرجع إلى الطريق، ولا يرفع إصبعيه عن أذنيه، حتى ينقطع الصوت عنه، فأبيح للحاجة».