أُريد أن أروي لكم هذه الرؤيا التي رآها زوجي: فقد رأى أنه في صفٍّ من الناس لابسين قُمُصًا بيضاءَ يُسلِّمون على النبي ﷺ، الرَّجُل تلو الآخر، وكان وراء النبي منبرٌ على جنبه الأيسر ومن ورائه نافذةُ قبره، فجاء دورُه فعانقه ثم ذهب، وبعدها استيقظ. ما رأيكم في الشخص الذي يرى مثل هذه الرؤيا، مع العلم بأن زوجي والحمد لله مُتديِّن ويخاف اللهَ؟ من فضلكم أريد جوابًا مُفصَّلًا عن سؤالي ليطمئن قلبي أكثر.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فهذه الرؤيا من الـمُبشِّرات، ولا أدري ما الذي يُقلقك منها لكي تقولي في الرسالة: أريد جوابًا مُفصَّلًا على سؤالي ليطمئن قلبي. فليس في الرؤيا ما يُزعج القلب، وهل يمكن أن ينزعج قلبُ أحدٍ رأى رسولَ الله ﷺ في نومه ثم عانقه أو رُؤِيَتْ له هذه الرؤيا؟ هل يشكُّ أحدٌ في كونها رؤيا صالحة وأنها من الـمُبشِّرات؟ مع قول النبي ﷺ: «مَنْ رَآنِي فِي الْـمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي حَقًّا؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَمَثَّلُ بِي»(1)، ومعناه: من رأى النبيَّ ﷺ على صورته التي كان عليها في الدنيا فرؤياه حقٌّ، فإن الشيطانَ لا يتمثَّل بصورته، أما من رآه عليه الصَّلاة والسَّلام على غير صورته فإن رؤياه تكون كاذبةً، كأن يراه أَمْرَدَ لا لحية له، أو يراه أسود اللون، أو ما أشبه ذلك من الصفات المخالفة لصفته عليه الصَّلاة والسَّلام؛ لأنه قال عليه الصَّلاة والسَّلام: «فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَمَثَّلُ فِي صُورَتِي»(2)، فدلَّ ذلك على أن الشيطانَ قد يتمثَّل في غير صورته عليه الصَّلاة والسَّلام ويدَّعي أنه الرسول ﷺ من أجل إضلال الناس والتلبيس عليهم.
ومن ثمَّ فإن القضية هنا أن يُسأَل زوجُك عن صفة رسول الله ﷺ التي رآه عليها، فإنْ وَصَف هيئةً على النحو الموصوف في كُتُب الشمائل المحمدية فقد رأى رسول الله حقًّا، وإن وصف سوى ذلك فقد وَهِم. ونسأل الله أن تكون رؤياه حقًّا، وأن تكون بشارةً له بحسن الخاتمة، ونُوصيه بالمسارعة إلى الخيرات، والإكثار من الصَّلاة والسَّلام عليه ﷺ، ونسأل الله لنا وله التَّوفيق والسَّداد، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
___________________
(1) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «العلم» باب «إثم من كذب على النبي ﷺ» حديث (110)، ومسلم في كتاب «الرؤيا» باب «قول النبي ﷺ: من رآني في المنام فقد رآني» حديث (2266)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ؛ واللفظ لمسلم.
(2) أخرجه مسلم في كتاب «الرؤيا» باب «قول النبي ﷺ: من رآني في المنام فقد رآني» حديث (2268) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه .