رأيت في منامي الرسول محمد ﷺ يطير في السماء، يتفقد أمته والأمم عبارة عن مجموعات، وكان ينظر على مجموعة معينة، ولم ينظر إلينا، وبعد ذلك ونحن جالسين أنا ومجموعة لا أتذكرهم من الأشخاص كان الله جالسًا معنا على هيئة إنسان، فكنا نتحدث، ولكنني وأنا في الحلم لم أصدق أن الله جالس معنا، فهل هذه رؤيا؟ وإذا كانت ما تفسيرها؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن رؤية رسول الله ﷺ في المنام من المبشرات، إذا رآه الرائي على هيئته الموصوفة في كتب السير والشمائل، فإن الشيطان لا يتمثل في هذه الصورة، وعدم نظره ﷺ إلى المجموعة التي كنت فيها قد يحمل نوعًا من العتب عليك يقتضي منك المراجعة لعلاقتك بسنته وهديه ﷺ؛ فقد يكون منك شيء من التقصير في هذا المجال وأنت غافل عنه.
أما رؤية الله عز و جل منامًا فهي ممكنة عند أهل العلم(1)؛ فقد يرى المؤمن ربه في المنام في صورة متنوعة على قدر إيمانه ويقينه، فإذا كان إيمانه صحيحًا لم يره إلا في صورة حسنة، وإذا كان في إيمانه نقص رأى ما يشبه إيمانه، ورؤيا المنام لها حكم غير رؤيا الحقيقة في اليقظة ولها تعبير وتأويل لما فيها من الأمثال المضروبة للحقائق. ولكن اتفق أهل العلم على أن أحدًا لن يرى ربه بعيني رأسه حتى يموت، فمن ادعى أنه رأى ربه بعينيه قبل الموت فدعواه باطلة باتفاق أهل السنة والجماعة، وفي «صحيح مسلم» عن النبي ﷺ أنه لما ذكر الدجال قال: «وَاعْلَمُوا أَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ لَنْ يَرَى رَبَّهُ حَتَّى يَمُوتَ»(2).
ولكن الله تعالى ليس على هيئة إنسان، فهو جل وعلا ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير، وأما الأحاديث التي ورد فيها رؤية النبي ﷺ ربه في صورة شاب أمرد فقد تكلم العلماء فيها، وهي ما بين منكر وموضوع. والله تعالى أعلى وأعلم.
_________________
(1) جاء في «حاشية العطار» (2/466-468): «(واختلف هل تجوز الرؤية) له تعالى (في الدنيا) في اليقظة (وفي المنام) فقيل نعم وقيل: لا أما الجواز في اليقظة؛ فلأن موسى عليه السلام طلبها حيث قال {رب أرني أنظر إليك} وهو لا يجهل ما يجوز ويمتنع على ربه تعالى، والمنع لأن قومه طلبوها فعوقبوا قال تعالى {فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم} واعترض هذا بأن عقابهم لعنادهم وتعنتهم في طلبها لا لامتناعها، وأما المنع في المنام؛ فلأن المرئي فيه خيال ومثال وذلك على القديم محال والمجيز قال لا استحالة لذلك في المنام وسكت المصنف عن الوقوع ويدل على عدمه في اليقظة وهو قول الجمهور قوله تعالى {لا تدركه الأبصار} وقوله لموسى {لن تراني} وقوله صلى الله عليه وسلم: «لن يرى أحد منكم ربه حتى يموت» رواه مسلم في كتاب الفتن في صفة الدجال نعم اختلفت الصحابة في وقوعها له صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج والصحيح نعم وإليه استند القائل بالوقوع في الجملة لكن روى مسلم عن أبي ذر: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم هل رأيت ربك قال رأيت نورا. وفي رواية: نور أنى أراه؟ أي حجبني النور المغشي للبصر عن رؤيته وقد ذكر وقوعها في المنام الكثير من السلف منهم الإمام أحمد. وعلى ذلك المعبرون للرؤيا وبالغ ابن الصلاح في إنكاره لما تقدم في المنع».
(2) أخرجه مسلم في كتاب «الفتن وأشراط الساعة» باب «ذكر ابن صياد» حديث (2931) من حديث بعض أصحاب رسول الله ﷺ.