ما حكم الكحول الموجود في الطعام المطبوخ في المطاعم الأجنبية؟ وهو بنسبة قليلة جدًّا، والقاعدة تقول: إن ما كثيره يُسكر فقليله حرام. الرجاء الإفادة، وشكرًا لجهودكم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن النظر في الأطعمة المطبوخة بشيء من الكحول من ناحيتين:
الأولى: من حيث طهارة الكحول ونجاسته.
والثانية: من حيث كونه مسكرًا أم زالت عنه هذه العلة ولم يبقَ منه إلا الطعم.
• أما الأولى فهي موضع نظر بين أهل العلم، والقولُ بأن نجاستها معنوية فقط كنجاسة الميسر والأنصاب والأزلام قولٌ متوجه، لامتلاء شوارع المدينة وطرقاتها بالخمر المراقة بعد نزول التحريم النهائي للخمر، ولا تسمح الشريعة بإراقة الأبوال والنجاسات في طرقات المسلمين وشوارعهم.
• وأما الثانية فقد يقال: إن الخمر قد استحالت وتطايرت بالاحتراق، فيكون قد ذهب عينها ولم تبقَ إلا نكهتها، وهذا القول ليس بمستيقن، فقد يبقى منها رغم احتراقها بقيةٌ، والقاعدة كما ذكرت: ما أسكر كثيره فقليله حرام.
فنرى الابتعاد عنها، إن لم يكن على سبيل القطع بتحريمها، فعلى سبيل التنزه، واتقاء الشبهات، والاستبراء للدين والعرض(1).
ولعل من نافلة القول أن نذكر أن مطاعم المسلمين لا يحل لها أن تخلط طعامها بشيء من ذلك، فإن هذا يُدخلها في المحرم المقطوع بتحريمه؛ لأنها ستشتري هذه الخمور التي ستنضج بها هذه الأطعمة، وهو الأمر الذي لا يُختلف في تحريمه. والله تعالى أعلى وأعلم.
___________________
(1) ففي الحديث المتفق عليه؛ الذي أخرجه البخاري في كتاب «الإيمان» باب «فضل من استبرأ لدينه» حديث (52)، ومسلم في كتاب «المساقاة» باب «أخذ الحلال وترك الشبهات» حديث (1599)، من حديث النُّعْمَانِ بن بَشِيرٍ رضي الله عنه قال: سمعت رَسُولَ الله ﷺ يقول: «إِنَّ الْـحَلَالَ بَيِّنٌ، وإن الْـحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ في الشُّبُهَاتِ وَقَعَ في الْـحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْـحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ».