في حقيقة الأمر إن أهل الكتاب حرَّفوا وبدَّلوا في دينهم في هذا العصر على وجه الخصوص؛ لهذا أسأل فضيلتكم عن حكم ما ذبحه مَن يدَّعي أنه من أهل الكتاب في هذا العصر؟ كما لا يخفى على فضيلتكم أنه ظهرت في هذا العصر فِرَق ادعت الإسلام في الظَّاهر لكن باطنها كفر محض، فما حكم ما ذبحه أصحاب هذه النِّحَل؟ أفيدونا وجزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن ذبيحة الكتابي تحل ما لم يُهِلَّ بها لغير الله، أما التحريف الذي ينتحلونه فهو ليس تحريفًا معاصرًا، بل كان موجودًا منذ زمن النبوة، وقد نُعي عليهم ذلك في القرآن الكريم، ومع هذا أحل نكاح نسائهم وأكل ذبائحهم، ألم يقل الله جل وعلا: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾ [النساء: 171]
أما الفرق المنحرفة فإن بلغ انحرافها مبلغ الكفر الأكبر المُخرج من الملة فلا تؤكل ذبائحها؛ لانعقاد الإجماع على عدم أكل ذبيحة المرتد، وإن لم تبلغ هذا المبلغ فذبيحتها على أصل الحِلِّ. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.