أنا طالب في المدرسة ولم أستطع صلاةَ الظهر والعصر في المدرسة؛ لأن المُدرِّسين لا يسمحون لي بالخروج، ووقت الاستراحة لا يكون في وقت الصَّلاة، ولما خرجتُ من المدرسة كانت صلاة المغرب قد أُذِّن بها، فصلَّيتُ في المسجد المغرب.
فهل أُصلِّي سنةَ المغرب البعدية أولًا ثم سنة الظهر القبلية ثم الظهر ثم سنة الظهر البعدية وكذلك بالنِّسْبة للعصر، أم أجعل سنةَ المغرب بعد ذلك كلِّه؟ وأنا أحب أن يكون لي بيتٌ في الجنة لذلك أُحب السنن فهل لو صلَّيتُ سنةَ المغرب آخر شيءٍ قبل العشاء بقليلٍ هل أكون مخطئًا؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فزادك اللهُ يا بني حرصًا وتوفيقًا، وكتب لك بيتًا في الجنة كما تتمنَّى.
واعلم أنه يا بني لا يصلح أن تنتظرَ إلى أن تغيبَ الشمس فتفوتك صلاة العصر، قال تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ [الماعون: 4- 5]، وقال صلى الله عليه وسلم : «مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ»(1)، وقال: «الَّذِي تَفُوتُهُ صَلاَةُ الْعَصْرِ مُتَعَمِّدًا حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ»(2).
ولو اضطُررت أن تؤدِّي الصَّلاة في السيارة أثناء رحلة العودة على ما يتيسَّر لك فإن هذا خيرٌ من أن تنتظرَ إلى أن يخرجَ الوقتُ بمغيب الشمس.
واعلم يا بني أن القضاءَ يحكي الأداء، ففي هذه الحالة التي فاتتك فيها صلاةُ الظهر والعصر تقضي صلاتك كما فاتك، ولكن يحسن أن تُبادر إلى قضاء الفوائت بعد صلاة المغرب مُباشرةً؛ فإن اللهَ لا يقبل نافلةً حتى تُؤدَّى الفريضة(3)؛ فأدِّ الفوائت بسننها، ثم اختم بسنة المغرب البعدية.
زادك اللهُ حرصًا وتوفيقًا، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
ــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه مسلم (553).
(2) أخرجه أحمد في «مسنده» (2/13) حديث (4612) من حديث ابن عمر ب، وذكره الألباني في «صحيح الجامع» حديث (5491). وهو متفق عليه سبق ذكره وتخريجه (552).
(3) فقد أخرج البخاري في كتاب «الرقاق» باب «التواضع» حديث (6502) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ الله قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْـحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْـمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْـمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ».