ذكرتم فضيلتكم أن الساحاتِ التي يُصلَّى فيها العِيد لا يُصلَّى فيها تحيةُ المسجد؛ لأنها ليست مسجدًا، والشيخ ابن عثيمين : في «الشرح الممتع» ذَكَر أن مُصلَّى العيد يأخذ حكم المسجد، واستدلَّ بحديث أن رسولَ الله أمر النِّساء (الحائض) أن يعتزلن المُصلَّى(1)، وهذا لا يكون إلا للمسجد، وبالتَّالي مُصلَّى العيد يأخذ حكم المسجد، فما تعقيب فضليتكم بارك الله فيكم؟
ـــــــــــــــــــ
(1) ففي الحديث المتفق عليه؛ الذي أخرجه البخاري في كتاب «الجمعة» باب «إذا لم يكن لها جلباب في العيد» حديث (980)، ومسلم في كتاب «صلاة العيدين» باب «ذكر إباحة خروج النساء في العيدين إلى المصلى» حديث (890)، من حديث أم عطية ل قالت: أمرنا رسول الله أن نُخرجهن في الفطر والأضحى العواتقَ والـحُيَّض وذواتَ الخدور، فأما الُحيض فيعتزلنَ الصلاة ويشهدن الخيرَ ودعوةَ المسلمين.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإذا أُقيمت صلاة العيد في المُصلَّى، أي في الصحراء خارج البلد، فإنه لا يُصلَّى قَبْلها؛ لما ثبت عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه خرج يوم الفِطر فصلَّى ركعتين لم يُصلِّ قبلها ولا بعدها(1).
قال ابنُ العربيِّ: «التنفُّل في الـمُصلَّى لو فُعِل لنُقِل، ومن اقتدى فقد اهتدى».
أمَّا إذا أُقيمت صلاةُ العِيد في المساجد فإن تحيةَ المسجد تُصلَّى حينئذٍ ولو كان وقتَ نهيٍ؛ لأنها من ذوات الأسباب، فيُصلِّي من حَضَر قبل جلوسه ركعتي تحية المسجد.
ومسائلُ الاجتهاد الأمرُ فيها واسعٌ؛ فلا يُنكر فيها على المخالف، ورحم اللهُ فضيلةَ الشَّيخ ابن العثيمين الذي قال: «ولا يُنكر على مَن ترك التحية؛ لأن بعضَ العلماء قالوا: لا تحية له. ولكن القولَ الرَّاجح أنه يُصلى فيه؛ لأن له تحيةً».
ثم همسة أخيرة: ليس من المناسب أن تقولَ لمن أفتاك في مسألةٍ: لقد أفتى فلان بخلاف ما تقول.
زادك اللهُ حرصًا وتوفيقًا، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
ــــــــــــــــــــــ
(1) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «الجمعة» باب «الصلاة قبل العيد وبعدها» حديث (989)، ومسلم في كتاب «صلاة العيدين» باب «ترك الصلاة قبل العيد وبعدها في المصلى» حديث (884)، من حديث ابن عباس رضي الله عنه .