لديَّ صديق مواظب على الصَّلاة، ولكنه يرتكب بعضَ المعاصي وليست من الكبائر. ما حكم صلاته؟ وهل تتعارض صلاتُه مع حديث رسول الله : «مَنْ لَمْ تَنْهَهُ صَلَاتُهُ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْـمُنْكَرِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ»(1). أفيدوني أفادكم الله، وجزاكم عني خيرَ الثَّواب.
ـــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (9/3066) حديث (17339) من حديث عمران بن حصين ، وذكره الألباني في «السلسلة الضعيفة» (985).
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فلا شكَّ أن الصَّلاةَ التامة تنهى صاحبها عن الفحشاء والـمُنكَر، قال تعالى: ﴿اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾ [العنكبوت: 45].
وعن أبي هريرة t قال: قال رجلٌ: يا رسولَ الله، إن فلانةَ يُذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها، غير أنها تُؤذي جيرانَها بلسانها؟ قال: «هِيَ فِي النَّار». قال: يا رسول الله، فإن فلانةَ يُذكر من قلة صيامها وصدقتها وصلاتها، وإنها تَصَدَّقُ بالأثوار من الأقِط ولا تُؤذي جيرانَها بلسانها؟ قال: «هِيَ فِي الجَنَّةِ»(1).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:: «الصَّلاة إذا أَتَى بها كما أُمر نهته عن الفحشاء والـمُنكَر، وإذا لم تنهه دلَّ على تضييعه لحقوقها وإن كان مُطيعًا، وقد قال تعالى: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ﴾ [مريم: 59]، وإضاعتها: التَّفْريط في واجباتها وإن كان يُصلِّيها. انتهى(2).
أمَّا الحديث المذكور فهو ضعيف، ولكن هذا لا يعني بطلانَ صلاته ولا مُطالبته بإعادتها أو دعوته إلى تَرْك صلاته حتى ينتهي عن الفحشاء والـمُنكَر، بل يُوصى بإتمام صلاته ثم يُوصى بالانتهاء عن الـمُنكَرات.
ونسأل اللهَ لنا وله العافية. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
ـــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه أحمد في «مسنده» (2/44) حديث (9673)، وابن حبان في «صحيحه» (13/77) حديث (5764)، والحاكم في «مستدركه» (4/184) حديث (7305)، والبخاري في «الأدب المفرد» ص54 حديث (119)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (7/78) حديث (9545)، وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (8/169) وقال: «رواه أحمد والبزار ورجاله ثقات»، وصحَّحه المنذريُّ في «التَّرْغيب والتَّرْهيب» (3/242)، والألباني في «صحيح الترغيب والترهيب» (2560).
(2) «مجموع الفتاوى» (22/6).