زوجي حلف أنني مُحرَّمةٌ عليه طوالَ العمر، فما هي كفارتها؟ وهل أكون مُحرَّمة عليه حتى يُؤدِّيَ الكفارةَ أم أنه يجوز المعاشرة بيننا حتي يتمَّ فِعْلُها؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن تحريمَ الزَّوْجة ظهارٌ، وكفارتُه تحريرُ رقبةٍ قبل المسيس؛ ولا وجود للرقيق في واقعنا المعاصر، فإن لم يجد فصيامُ شهرين متتابعين قبل المسيس، فإن لم يستطع فإطعامُ سِتِّين مسكينًا؛ قال تعالى:﴿ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ *  فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾} [المجادلة: 3، 4]

وروى سليمان بن يسار عن سلمة بن صخر الأنصاري قال: كنت رجلًا قد أوتيت من جماع النساء ما لم يُؤت غيري، فلما دخل رمضان تظاهرت من امرأتي حتى ينسلخَ رمضان فَرَقًا من أن أُصيب منها في ليلتي فأتتابع في ذلك إلى أن يدركني النهار، وأنا لا أقدر أن أنزع، فبينما هي تخدمني ذات ليلة إذ تكشف لي منها شيءٌ فوثبت عليها فلما أصبحت غدوت على قومي فأخبرتهم خبري فقلت: انطلقوا معي إلى رسول الله ﷺ فأُخبره بأمري. فقالوا: لا والله لا نفعل نتخوف أن ينزل فينا قرآن أو يقول فينا رسول الله ﷺ مقالةً يبقى علينا عارُهَا ولكن اذهب أنت فاصنع ما بدا لك، قال: فخرجت فأتيت رسول الله ﷺ فأخبرته خبري فقال: «أَنْتَ بِذَاكَ؟» قلت: أنا بذاك. قال: «أَنْتَ بِذَاكَ؟» قلت: أنا بذاك. قال: «أَنْتَ بِذَاكَ؟» قلت: أنا بذاك. وها أنا ذا فأمضِ فيَّ حُكمَ الله فإني صابرٌ لذلك. قال: «أَعْتِقْ رَقَبَةً». قال: فضربت صفحةَ عُنُقي بيدي فقلت: لا والذي بعثك بالحق لا أملك غيرَها. قال: «صُمْ شَهْرَيْنِ». قلت: يا رسول الله وهل أصابني ما أصابني إلا في الصيام. قال: «فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا». قلت: والذي بعثك بالحق لقد بِتنا ليلتنا هذه وَحْشَى مَا لنا عَشاءٌ. قال: «اذْهَبْ إِلَى صَاحِبِ صَدَقَةِ بَنِي زُرَيْقٍ فَقُلْ لَهُ فَلْيَدْفَعْهَا إِلَيْكَ، فَأَطْعِمْ عَنْكَ مِنْهَا وَسْقًا سِتِّينَ مِسْكِينًا، ثُمَّ اسْتَعِنْ بِسَائِرِهِ عَلَيْكَ وَعَلَى عِيَالِكَ». قال: فرجعت إلى قومي فقلت: وجدت عندكم الضيقَ وسوءَ الرأي ووجدت عند رسول الله ﷺ السعةَ والبركةَ، أمر لي بصدقتكم فادفعوها إليَّ. فدفعوها إليَّ(1).
ولابُدَّ من إخراج الكَفَّارة قبل المسيس بين الزَّوْجَين.
ونسأل اللهَ أن يصرف عنكما السوءَ وأن يتقبَّل توبةَ زوجِك من هذا المأثم، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

________________

(1) أخرجه أبو داود في كتاب «الطلاق» باب «في الظهار» حديث (2213)، والترمذي في كتاب «تفسير القرآن» باب «ومن سورة المجادلة» حديث (3299)، وابن ماجه في كتاب «الطلاق» باب «الظهار» حديث (2062). وقال الترمذي: «حديث حسن».