أنا فلسطيني طلبت اللجوء الإنساني في كندا، ويطلبون عادة من اللاجئ أن يكتب قصة سبب لجوئه ويجب أن تكون مقنعة، وعليه اجتهدت بكتابة قصة تُصور وضعي الصعب، ولكن نصفها صحيح ونصفها مختلق، أي فيها بعض الأحداث المختلقة للإقناع. مع العلم- وهذا هو الأهم- أن ديني والتزامي ولله الحمد قد تحسن كثيرًا؛ فقد كنت لا أصلي في فلسطين، ولكن منَّ الله علي عند قدومي إلى هذا البلد بالهداية، وساعدني كثيرًا على ذلك وجود الحرية الدينية مثل حرية ارتياد المساجد وحضور المحاضرات والدورات الدينية، بالإضافة إلى أنني وجدت نفسي أعمل تلقائيًّا في مجال الدعوة؛ فقد ساهمت حتى الآن في هداية بعض القادمين الجدد إلى الإسلام، وعليه اتخذت قرارًا لا رجعةَ فيه، أن أهب حياتي للدعوة؛ لما رأيت من أثر لعملي في هذا المجال. ولكنني في نفس الوقت ما زلت أخطو خطواتي الأولى في التوبة والرجوع إلى الله وبناء الإيمان، وأشعر بتقدم وتحسن حقيقي فيه. وإذا عدت الآن بالذات إلى فلسطين، ومع الظروف الإنسانية والنفسية والتضييق الديني هناك الآن أخاف أن أفتن في ديني مرة أخرى، كما فتنت في المرة الأولى، حتى وصل بي الأمر إلى ترك الصلاة عندما فتنت في المرة الأولى، بسبب التضييق على الدين وبسبب رقابة الأسرة التي لا تُشَجِّعُ النشاط الديني مثل ارتياد المساجد والتطوع فيها وممارسة الأمور الدينية الأخرى بدعوى أخذ الحيطة، وخاصة الأم، التي كنت أحاول تجنب إغضابها بحكم مرضها. موعد رواية قصة اللجوء اقترب، وإذا لم أرو القصة يتم ترحيلي. مع إحاطتكم بظروفي، هل يجوز رواية ما اختلقته من باب دفع الضرر وتغليب المصلحة، أم يعتبر ذلك من باب الكذب والتزوير والحرام؟ مع العلم بأنني قد عقدت العزم على العودة إلى بلدي بعد بضع سنوات، حتى لو منحوني الجنسية، وذلك بعد أن يشتد عود إيماني، وهذه نيتي التي عقدتها وعاهدت الله عليها. وبارك الله فيكم، وجعل ذلك في ميزان حسناتكم.


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
أما بعد، فلا بأس بطلب اللجوء عندما تضيقُ السُّبُل ويتعين اللجوء طريقًا للفرار بالدين والأمن من الفتنة، ولكن الكذب قبيح في جميع الملل فلا ننصحك به، وفيما تعرضت له من المظالم الحقيقية ما يكفي لإقناع الجهات المختصة بإذن الله. والله تعالى أعلى وأعلم.