أنا دائمًا مُوسوِسٌ، وذات مرَّة جعلني الشَّيطان في شكٍّ في وجود الله، فتفكَّرت في آيةٍ من آياته في السَّماء فنطقت الشَّهادتين وندمتُ كثيرًا، ولكن لا أذكر إن كان فعلًا شكًّا مثل المُلحِدة أم مجرد وسوسة قويَّة. فهل بنطقي الشَّهادتين أكون قد فعلتُ كلَّ ما علي في كلتا الحالتين؟
وقد لاحظتُ أنني عندما أستمع إلى القرآن تزول الوسوسةُ وأزداد إيمانًا، وإنني لم أقرأه منذ زمنٍ.
الجواب:
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
إذا عرض لك شيءٌ من الشَّكِّ: فإن كان مُجرَّد وسوسةٍ عابرة فاستعذ بالله منه ولا تسترسل معه، وقل: الحمد لله الذي ردَّ كيده إلى الوسوسة(1).
وإن كان شبهةً متوطِّنة مُستقرَّة فابحث عن دوائك منها عند أهل العِلْم وحَمَلة الشَّريعة.
ونوصيك بالإكثار من الذِّكر وقراءة القرآن، فإن مَثَل من يذكر الله كمثل رجلٍ خرج العدوُّ في أثَرِه سراعًا، حتى إذا أتى على حصن حصين فأحرز نفسه منهم، فكذلك العبد لا يُحرز نفسه من الشَّيطان إلا بذكر الله عز وجل (2) .
ونسأل الله لنا ولك العافية، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
ـــــــــــــــــــــ
(1) فقد أخرج أحمد في «مسنده» (1/235) حديث (2097)، وأبو داود في كتاب «الأدب» باب «في رد الوسوسة» حديث (5112)، والنسائي في «عمل اليوم والليلة» ص420. من حديث ابن عباس ب قال: جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله إن أحدنا يجد في نفسه يُعَرِّضُ بالشيء لأن يكون حُمَمَةً أحبُّ إليه من أن يتكلم به. فقال: «اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ؛ الْـحَمْدُ لله الَّذِي رَدَّ كَيْدَهُ إِلَـى الْوَسْوَسَةِ»، وذكره الحافظ العراقي في «تخريج أحاديث الإحياء» (2/935) وجوَّد إسناده، وذكره الألباني في «صحيح سنن أبي داود» حديث (5112).
(2) جزء من حديث يحيى وعيسى عليهما السلام الذي أخرجه الترمذي في كتاب «الأمثال» باب «ما جاء في مثل الصلاة والصيام والصدقة» حديث (2863) من حديث الحارث الأشعري رضي الله عنه ، وفيه: «وَآمُرُكُمْ أَنْ تَذْكُرُوا الله فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ خَرَجَ الْعَدُوُّ فِي أَثَرِهِ سِرَاعًا حَتَّى إِذَا أَتَى عَلَى حِصْنٍ حَصِينٍ فَأَحْرَزَ نَفْسَهُ مِنْهُمْ كَذَلِكَ الْعَبْدُ لَا يُحْرِزُ نَفْسَهُ مِنَ الشَّيْطَانِ إِلَّا بِذِكْرِ الله» وقال: «هذا حديث حسن صحيح».