سائق سيارة حدثت له حادثة دون سبب منه فمات في السيارة بعض الناس، فهل على السائق دية أو كفارة؟

رجل يقود سيارة فحدثت حادثة من غير تسبب منه؛ كأن تفجر الإطار أو صادمتهم سيارة أخرى فمات في السيارة بعض الناس، فهل على هذا السائق الذي لم يسبب الحادثة كفارة؟ وإذا كانت عليه كفارة هل تجزيه كفارة واحدة عن جميع الميتين في الحادثة أم لابد من كفارة لكل ميت؟ أفيدونا أثابكم الله.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
لجريمة القتل الخطأ أركان ثلاثة: الخطأ، والضرر، ورابطة السببية بين الخطأ والضرر. فإذا ثبت نوع من الخطأ أو الإهمال في حق سائق السيارة فإنه يكون مسئولًا عما يترتب على ذلك من الضرر؛ سواء من حيث الدية أو من حيث الكفارة.
ولما كان السؤال بخصوص الكفارة، وتعددها بتعدد القتلى فإن لأهل العلم في ذلك اتجاهين:
«الاتجاه الأول للحنفية(1) وبعض الحنابلة (الخرقي وأبي بكر المرُّوذي): تجزئه كفارة واحدة، لأنها جزاء عن جناية تكرر سببها قبل استيفائها، فيجب أن تتداخل كالحدِّ، ولأن حقوق الله تعالى مبنية على المسامحة.
والاتجاه الثاني للمالكية والشافعية(2) واختيار بعض الحنابلة كالقاضي أبي يعلى: لا تُجزئ كفارة واحدة، ويلزمه كفارتان فأكثر بحسب عدد القتلى، لأن سبب الكفارة تعدد، فلا تتداخل، كانتهاك حرمة شهر رمضان بالجماع في رمضانين أو في أكثر من يوم في رمضان واحد، وكالحجتين جامع فيهما، أي تتعدد الكفارة بتعدد السبب أو الفساد»(3).
ولعل من المناسب في عصرنا الأخذ بالرأي الأول في حال تعدد القتلى بحادث واحد في وسائل النقل الجماعية، لأنه أيسر من الرأي الثاني الذي يلزم بالكفارات بعدد القتلى، وفي هذا حرج ومشقة، و«المشقة تجلب التيسير» ولاسيما أن القتل حدث خطأ.
أما الدية فإنها تتعدد بتعدد القتلى، ويلزم بها من ثبت في حقه توفر أركان جريمة القتل الخطأ على النحو الذي سبق تفصيله، وإلا حملت دياتهم من بيت المال حتى لا يظل دم في الشريعة. والله تعالى أعلى وأعلم.

___________________

(1) جاء في «بدائع الصنائع» (7/239): «وكذلك الواحدُ يُقتل بالجماعةِ قصاصًا اكتفاءً، ولا يجب مع القود شيءٌ من المال عندنا».

وجاء في «نصب الراية» (6/360-361): «وإذا قتل واحدٌ جماعةً فحضر أولياء المقتولين قتل لجماعتهم، ولا شيء لهم غير ذلك، فإن حضر واحد منهم قتل له وسقط حق الباقين».

(2) جاء في «أسنى المطالب» (4/36-37): « لو (قتَل رجلٌ جماعةً) أو قطع أطرافهم مرتبًا فالقصاصُ عليه بالأول منهم، وللباقين الديات».

(3) انظر: «المغني» لابن قدامة (3/144). و«الموسوعة الفقهية» (35/67-68).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   14 الديات

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend