صلاحية إمام المسجد بين القضاء والتحكيم والإصلاح

ما هي صلاحيَّات إمام المسجد في الجالية المسلمة في الولايات المتحدة الأمريكية بالنسبة لفضِّ النزاعات المرفوعة إليه؟ القضاء أم التحكيم أم الإصلاح؟ ما الفرق بين التحكيم والإصلاح؟ جزاكم اللهُ خيرًا .

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن إمامَ المسجد إذا كان من أهل العلم، واتَّفقَتِ الجاليةُ على تصديره وتحكيمه في المنازعات، فإن له جزءًا من ولاية القضاء الشرعيِّ التي تكون للقضاة الشرعيين في بلاد المسلمين، كتزويجِ مَن لا وليَّ لها، والتطليق على الزوج الـمُضارِّ… ونحوِه، ولكن ليست له ولايةُ النَّظَر فيما يتعلَّق بالحدود والقصاص وسائر العقوبات الشرعيَّة؛ لأن هذه العقوبات تحتاج إلى شوكة ومَنَعة ولا يُمكن إقامتُها إلا في ظلِّ الدولة الإسلاميَّة ومِن خلال القضاء الشرعي الرسمي الذي يُنصِّبه الحاكمُ المسلم.
والفرق بين التحكيم والإصلاح أن التحكيمَ يتحرَّى الوقوفَ عند مقاطع الحقوق ويحرص على إفراز الحقوق والحكم بها لأصحابها، أما الإصلاح فهو يقوم على التَّوفيق بين المتنازعين بحَمْل كلِّ طرفٍ على التنازل عن جزءٍ من حقِّه لتلتقي الأطراف على كلمةٍ سواءٍ.
وتسويةُ المنازعات صُلحًا هي الأَوْلى بالاعتبار خارج بلاد الإسلام، بل وفي داخلها كذلك، فقد كان عمر رضي الله عنه  يقول: ««رُدُّوا الخصومَ حتى يصطلحوا؛ فإنَّ فَصْل القضاء يُورِث بينهم الضغائنَ»»(1). فضلًا عما يحمله الإصلاحُ من الرِّفق بالـمُصلح نفسه وعدم تحميله من التَّبِعات ما لا يُطيق، لأن الأمرَ في الإصلاح أوسعُ منه في التحكيم. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

_________________

(1) أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (8/303) حديث (15304)، والبيهقي في «الكبرى» (6/66) حديث (11142)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» (4/534) حديث (22896).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   18 القضاء

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend