تنفيذ أحكام القضاء غير الموافقة للحق

أُحِبُّك في الله يا شيخنا الفاضل، وأرجو من الله أن يجمعنا وأهلينا والمسلمين في مُستقَرِّ رحمته يوم القيامة مع رسول الله ﷺ.
لي صديقٌ كان يشترك في شركةٍ مع صديق آخر، ولكنهم افترقوا وتحاكموا إلى المحكمة في مصر؛ لأن الأوَّل يقول أن للثاني مبلغًا مُعيَّنًا والثَّاني يقول أن له أضعاف هذا المبلغ.
والسُّؤال: لو حكمتِ المحكمة بأقل من حقِّ الصَّديق الثَّاني هل يُعطيه ما حكمت به المحكمة أم يُعطيه الزِّيادة التي يرى أنها له؟ والعكس إذا حكمت المحكمة بزيادة عن حقِّ الثَّاني هل تكون هذه الزِّيادة حرامًا عليه؟ وجزاكم اللهُ خيرًا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن قضاءَ القاضي لا يُحِلُّ حرامًا ولا يُحرِّم حلالًا، فالحلال ما أحلَّه الله ورسوله، والحرام ما حرَّمه الله ورسوله(1)، وليس لأحدٍ أن يستحلَّ من أحكام القضاء إلا ما وافق الحقَّ، فمن قضى له القاضي بغير حقِّه فلا يأخذ إلا حقَّه، وقد قال ﷺ: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْـحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِيَ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلَا يَأْخُذْهُ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ»»(2).
أعاذنا الله وإيَّاك من النَّار، ووقانا وإيَّاك لهيبها وسمومها. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

____________________

( 1) فقد أخرج الترمذي في كتاب «اللباس» باب «ما جاء في لبس الفراء» حديث (1726)، وابن ماجه في كتاب «الأطعمة» باب «أكل الجبن والسمن» حديث (3367) من حديث سلمان رضي الله عنه ، قال: سُئل رسول الله ﷺ عن السمن والجبن والفراء قال: «الْـحَلَالُ مَا أَحَلَّ اللهُ فِي كِتَابِهِ، وَالْـحَرَامُ مَا حَرَّمَ االلهُ فِي كِتَابِهِ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ مِـمَّا عَفَا عَنْهُ»، وحسنه الألباني في «صحيح سنن ابن ماجه» (3367).

(2) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «الأحكام» باب «موعظة الإمام للخصوم» حديث (7169)، ومسلم في كتاب «الأقضية» باب «الحكم بالظاهر واللحن بالحجة» حديث (1713)، من حديث أم سلمة.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   09 نواقض الإيمان., 18 القضاء

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend