ســـؤال: هــل وجدت أمرأه تصدرت للإفتاءِ من قبل؟؟ أم هذا محل خلاف؟ وهل من الممكن أن تصل أمرأه لهذه الدرجة من العلم و التفقه في الدين ..
هذا مجرد سؤال فقط وما قول العلماء فى ذلك؟
الجـــــواب:
بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحِيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﷺ، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعــد:
❐ فإن الإفتاء يتعلق بالعلم وليس بالجنس، والعلم مفتحة أبوابه أمام الرجال والنساء، فمن تحققت فيه مؤهلات الإفتاء: فلا حرج من قيامه به، سواء أكان رجلًا أم امرأة، وقد نص الفقهاء على ذلك.
قال النووي في آداب الفتوى والمفتي والمستفتي:
(شرط المفتي كونه مكلفًا، مسلمًا، ثقة، مأمونًا، متنزهًا عن أسباب الفسق، وخوارم المروءة، فقيه النفس، سليم الذهن، رصين الفكر، صحيح التصرف، والاستنباط، متيقظًا، سواء فيه الحر، والعبد، والمرأة والأعمى، والأخرس إذا كتب ، أو فُهمت إشارته) اهـ.
والأمثلة على ذلك عبر التاريخ كثيرة، وعلى رأس أولئك النساء:
أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وقد كانت مقصد الرجال والنساء في الفتيا؛ بسبب قربها من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﷺ، ، وذكائها، وفطنتها، حتى قال الزهري:”لو جُمع عِلْم عائشة إلى عِلْم جميع أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﷺ، وعِلم جميع النساء: لكان عِلم عائشة أفضل” انتهى.
وقال ابن عبد البر في “الاستيعاب”
(ص 609):
عن مسروق قال: رأيت مشيخةً من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﷺ، الأكابر يسألونها عن الفرائض. وقال عطاء بن أبي رباح:
كانت عائشة أفقه الناس، وأعلم الناس، وأحسن الناس رأياً في العامة.
وقد عدَّ ابن القيم رحمه الله المكثرين من الفتيا من الصحابة، وذكر منهم عائشة رضي الله عنها، وعدَّ أم سلمة رضي الله عنها من المتوسطين، وجعل أم عطية، وصفية أم المؤمنين، وحفصة، وأم حبيبة، من المقلِّين في الفتيا.
وقال صاحب الفوائد البهية في ترجمة السمرقندي صاحب “تحفة الفقهاء” شيخ صاحب “البدائع”، شيخ كبير، فاضل، جليل القدر .. وكانت ابنته فاطمة الفقيهة العلامة زوجة علاء الدين أبي بكر صاحب “البدائع”، وكانت تفقهت على أبيها، وحفظت تحفته، وكان زوجها يخطئ فتردّه إلى الصواب، وكانت الفتوى تأتي فتخرج، وعليها خطها، وخط أبيها، فلما تزوجت بصاحب “البدائع” كانت تخرج وعليها خطّها، وخط أبيها، وخط زوجها. اهـ
وإذا كان لم يعرف منصب المفتي العام عبر القرون الماضية على النحو الذي عرف به في واقعنا المعاصر، فهذه مسألة إجرائية، وليست مسألة فقهية أو شرعية
وإن كان ما أُنيط بالمفتي من التصدر لقضايا الرأي العام عبر وسائل الإعلام، والتصديق على أحكام الإعدام، واستهدافه من قبل العلمانيين وخصوم الإسلام يجعل من الأصون للمرأة أن تظل بمنآي عن هذا المنصب الرسمي، حرصًا عليها وضنًا بها، لا حرمانًا لها ولا جورًا عليها.
هذا وباللهِ التوفيـق و الله أعـلىٰ وأعلـم