شخص مسلم يسأل عن قوله تعالى:{ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ } [البقرة: 256] وإن الإسلام لا يجبر أحدًا على الدُّخول فيه، وإذا دخل وارتدَّ يُقتل؛ فهو ولد مسلم وأبوه وأمه مسلمان ولم يختر الإسلام دينًا.
وعندما كبر قرَّر أن يترك الإسلام، فقيل له: أنت مرتدٌّ، وهذا يُعرِّضك للقتل؟ فقال: ولكني لم أختر الإسلام دينًا من نفسي.
فكيف نردُّ في هذا الموقف؟ وجزاكم الله خيرًا.
وبرجاء الإجابة، نظرًا لتردد هذا السُّؤال عند الكثيرين.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن قَتْل المرتد منوط بالدَّولة الإسلاميَّة والقضاء الإسلامي، ولا مدخل فيه لآحاد النَّاس، ولدى الدَّولة ومؤسَّساتها من إمكانات التمحيص وإزالة الشُّبهة والتحري عند إقامة الحدود ما تُصان به العدالة ويمنع به البغي والاستطالة.
ومن ناحية أخرى فلا يُقتل مرتدٌّ أيًّا كان حتى يُستتاب وتزال شُبَهه، وإن استحياءه بالتَّوْبة أحبُّ إلى الله وإلى جماعة المسلمين من قتله على الردة، وتبذل الدَّولة الإسلاميَّة في سبيل ذلك طاقتها وتستفرغ وُسعها.
ومن وُلد مسلمًا لأبوين مسلمين فإن دينه هو الإسلام؛ لأن الإسلام هو دين الفطرة، الذي يُولد عليه كلُّ مولود، وأبواه هما اللذان يُهوِّدانه أو يُنصِّرانه أو يُمجِّسانه(1)، فإذا فارقه فتتبع معه هذه الإجراءات التي لابُدَّ أن تعيده إلى الحق الذي تشهد به فطرته، ويشهد به كل شيء من حوله في دولة الإسلام، أما إذا كان خارج بلاد المسلمين فلا تُقام الحدود ابتداء خارج ديارالإسلام. والله تعالى أعلى وأعلم.
____________________
(1) ففي الحديث المتفق عليه؛ الذي أخرجه البخاري في كتاب «الجنائز» باب «إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه وهل يعرض على الصبي الإسلام» حديث (1359)، ومسلم في كتاب «القدر» باب «معنى كل مولود يولد على الفطرة وحكم موت أطفال الكفار وأطفال المسلمين» حديث (2658)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله ﷺ: ««مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ»».