وأذكر لك فتوى مفصلة حول ضوابط الألعاب الإلكترونية لصاحب الفضيلة الدكتور: هاني الجبير. القاضي بمحكمة مكة المكرمة، فإنها من أجمع وأنفع ما كتب في هذا المجال. السؤال: إني عازم بحول الله أن أعمل محلًّا للألعاب، ولكِنْ متخصص في البلاي ستيشن، وقبل الشروع في العمل أريد أن أعرف رأي الدين في هذا الموضوع. وبارك الله فيكم. @@@:

فأشكر الأخ السائل الكريم على حرصه على معرفة الحكم الشرعي قبل شروعه في العمل.
وأظن أن السائل يقصد أنه سيعمل محلًّا للألعاب الإلكترونية عبر الأجهزة العارضة لها بواسطة الأقراص، والتي عرفت باسم: play station، وهي ألعاب مرسومة عبر الكمبيوتر لتكون ثلاثية الأبعاد غالبًا يقوم اللاعب بتحريكها عبر جهاز موصَّل بها، محاولًا التغلب على خصمٍ أو أكثر- وقد يكون خصمه هو الجهاز نفسه- إما على هيئة سِبَاق بينهم أو مُصارعة أو نحو ذلك، ومن خصائص هذه اللعبة:
(1) اشتمالها غالبًا على الموسيقى.
(2) اشتمالها على الصور المرسومة المتحركة.
(3) إمكان المنافسة فيها بين لاعبين أو لاعب واحد.
(4) اشتمالها أحيانًا على صور فاضحة، وأفكار سيئة ومقاصد غير مقبولة.
والحكم على ما سأل عنه الأخ يتضح في النقاط التالية:
أولًا: ضوابط الألعاب في الشرع:
للألعاب والرياضات ضوابط عديدة، وأهم ما يَعنينا هنا هو هذه الضوابط:
(1) عدم اشتمالها على المحرمات، ككشف العورات وتضييع الواجبات. قال ابن قدامة: وسائر اللَّعِب إذا لم يتضمن ضررًا ولا شغلًا عن فرضٍ فالأصل إباحته. «المغني» 4/157) ).
(2) ألا تُلحِق بصاحبها ولا غيره ضررًا في نفسه أو ماله، فإن الضَّرَرَ يُزَالُ، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ».
(3) ألا تشتمل على قِمار. قال ابن قدامة: كل لعبٍ فيه قِمار فهو مُحرَّم- أيَّ لعب كان- وهو من الميسر الذي أمر الله تعالى باجتنابه، وما خلا من القِمار- وهو اللعب الذي لا عِوض فيه من الجانبين ولا من أحدهما- فمنه المحرَّمُ ومنه المباح.
فأي لعب سِوَى السِّباق بالخيل والإبل، والرمي بالسِّهام، دَفَعَ اللاعب فيه عِوضًا ليُشارك ويأخذ الفائز عِوضًا، فهذا قِمار، قال تعالى: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ [المائدة: 90].
ثانيًا: حكم بيع ما يُستَعْمل في الحرام والحلال:
إذا حرم الله تعالى أن يُنتفع بشيء فإنه لا يجوز أخذ مالٍ في مقابلة هذا الشيء المحرم، أو المنفعة المحرَّمة، لا ببيعٍ وشراءٍ ولا استئجارٍ ولا غيرها.
وما يحرم الانتفاع به نوعان:
أحدهما: يحرم الانتفاع به مطلقًا في جميع الحالات أو أغلبها، فلا يجوز أخذ ثمن في مقابله مطلقًا، كالأصنام والخمر.
الثاني: ما يحرم الانتفاع به في حال دون حال، فهذا يجوز أخذ الثمن في مقابلة المنفعة المباحة دون المحرمة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ما أُبيحَ الانتفاع به من وجهٍ دون وجهٍ كالحُمُر ونحوها فإنه يجوز بيعها لمنفعة الظَّهْرِ المباحة لا لمنفعة اللحم المحرم. «إقامة الدليل على بطلان التحليل» (6/36).
فمتى علم البائع أو غلب على ظنه أن مشتريَه سوف يستعمله في الحرام لم يجز بيعه، وإلا جاز بيعه كما لو علم أنه سيستعمله في المباح.
الحكم الشرعي للسؤال:
بناءً على ما تقدَّم فإن الحُكم المسئول عنه يتلخَّص فيما يلي:
أولًا: يجوز بيعُ أجهزة اللعب الإلكترونية المذكورة، وبيع ما لا يشتمل على مُفسدٍ للأخلاق من أشرطتها المدمجة وبرامجها، إذا لم يعلم البائع أن المشتريَ سيستعملها في محرم.
ثانيًا: كل ما اشتمل على أفكارٍ هدَّامة وصورٍ سيئة فإنه يحرم بيعه وشراؤه.
ثالثًا: إعداد محل لممارسة اللعب باللعبة المذكورة جائزٌ بشرط ألا يكون في اللعب قِمار، ولا يُتاح سماع الموسيقى الصادرة عنها، وألا يُسمح بإضاعة الصلاة ولا أن تكون وسيلة لتحصيل مقصد سيئ كما يحصل في بعض أماكن اللعب. فإذا انعدم شرط منها فإنه لا يظهر لي إباحة هذا العمل.
هذا هو ما ظهر لي ولو تورَّع السائل عنها لكونها من قبيل اللهو الذي يترفع عنه كل إنسان جادٍّ لكان أولى به، والله أعلم وأحكم، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه. والله تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 30 يناير, 2012
التصنيفات الموضوعية:   01 البيع

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend