قبول هدية غير المسلمين في أعيادهم

أنا أُدرِّس في مدرسة للحصول على ج آي دي. وفي أيام عيد الميلاد مثل هذه الأيام يقومون بتوزيع أوراق لتعبئتها بما نريد من هدايا وأغراض، أيضًا يأتون للمدرسة بأشياء كثيرة ويقومون بتوزيعها، فماذا علينا نحن المسلمات؟ ما حكم أخذ هذه الهدايا؟ وشكرًا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فالذي يظهر أنه لا حرج في قبول هدايا غير المسلمين في أعيادهم، ما لم يكن جنس الهدية محرمًا كالخمر أو الخنزير ونحوه؛ لأن الأصل مشروعية قبول هدايا غير المسلمين، ولم يخص ذلك بعيد ولا غيره؛ لما روى الإمام أحمد في «المسند» عن علي رضي الله عنه قال: «أهدى كسرى لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقَبِلَ منه، وأهدى له قيصر فقَبِل منه، وأهدت له الملوك فقبل منهم»(1).
وقد بوَّب لذلك البخاري في كتاب: «الهبة» من «صحيحه» بقوله: باب: «قبول هدية المشركين». قال: وقال أبو حميد رضي الله عنه: أهدى ملك أيلة للنبي صلى الله عليه وسلم بغلةً بيضاء وكساه بُردًا وكتب إليه ببَحرهم. أي ببلدهم.
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله مسألة قبول الهدية منهم يوم عيدهم، ونقل أثرًا عن علي رضي الله عنه: أنه أُتِيَ بهدية في النيروز فقبلها(2).
ونقَل عن ابن أبي شيبة في «المصنف» بسنده: أن امرأة سألت عائشة رضي الله عنها قالت: إن لنا أطيارًا من المجوس، وإنه يكون لهم العيد فيهدون لنا، فقالت: أما ما ذُبِح لذلك اليوم فلا تأكلوا، ولكن كلوا من أشجارهم(3).
وقال: حدثنا وكيع، عن الحسن بن حكيم، عن أمه، عن أبي برزة رضي الله عنه: أنه كان له سكان مجوس، فكانوا يهدون له في النيروز والمهرجان، فكان يقول لأهله: ما كان من فاكهة فكُلوه، وما كان من غير ذلك فرُدُّوه(4).
قال شيخ الإسلام بعد إيراده لهذه النصوص: «فهذا كله يدلُّ على أنه لا تأثير للعيد في المنع من قبول هديتهم، بل حكمها في العيد وغيره سواءٌ؛ لأنه ليس في ذلك إعانة لهم على شعائر كفرهم. لكن قبول هدية الكفار من أهل الحرب وأهل الذمة مستقلَّةٌ بنفسها فيها خلاف وتفصيل ليس هذا موضعه، وإنما يجوز أن يؤكل من طعام أهل الكتاب في عيدهم بابتِياع أو هدية أو غير ذلك مما لم يذبحوه للعيد، فأما ذبائح المجوس فالحكم فيها معلومٌ فإنها حرام عند العامة»(5).
ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في «مجموع فتاويه في العقيدة»: «واختلف العلماء فيما إذا أهدى إليك أحدٌ من غير المسلمين هديةً بمناسبة أعيادهم هل يجوز لك قبولها أو لا يجوز؟ فمن العلماء من قال: لا يجوز أن يقبل هديتهم في أعيادهم؛ لأن ذلك عنوان الرضا بها. ومنهم من يقول: لا بأس به. وعلى كل حال: إذا لم يكن في ذلك محظور شرعي وهو أن يعتقد الـمُهدِي إليك أنك راض بما هم عليه- فإنه لا بأس بالقبول، وإلا فعدم القبول أولى». اهـ. والله تعالى أعلى وأعلم.

__________________

(1) أخرجه أحمد في «مسنده» (1/96) حديث (747).
(2) «اقتضاء الصراط المستقيم» (1/ 250 – 251).
(3) أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (5/126) حديث (24371).
(4) أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (5/126) حديث (24372).
(5) «اقتضاء الصراط المستقيم» ص251.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   01 البيع

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend