ما حُكم الـمرَبَّى؟ هل هي خمر؟ وما الفرق بين صُنع المربَّى وصنع الخمر؟ ثم ما حكم عصير الفواكه أو عصير العنب الذي نشربه؟ هل هو نجس لكونه مستخرجًا من الفواكه ومرَّ عليه وقت؟ وكيف نشتري عصيرًا مُحلَّى بطعم الفواكه ولا يكون نجسًا؟
أخاف من المأكولات النباتية إذا مضى عليها أكثر من يوم في الثلاجة. هل تصبحُ خمرًا؟
أفيدونا لكوني أمتنع عن تناول الطعام، وحتى البهارات والتوابل هي من نبات، فهل إضافتُها للطعام يجعله خمرًا إذا مضى عليه وقت؟ كيف أتجنب الخمر؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
أما آن لك أن تقلعي عن مثل هذه الأسئلة المرضية؟! لقد ذكرت لك أكثر من مرة أنك بمثل هذه الأسئلة تحولين التديُّن إلى مسلسل من الشقاء والنكد!
الخمر هو ما خامَر العقل، فكلُّ مسكر خمر، وكل خمر حرام(1). والقاعدة: «مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ»(2).
ولا يحرم الشراب لمجرد أن به نسبة يسيرة من الكحول منغمرة في كثير من الشراب الحلال، فلا تؤثر في لونه ولا طعمه ولا ريحه ولا تجعله مسكرًا.
وقد ذكرت لك مرارًا ما جاء في قرار مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا حول هذه النقطة، ونصه ما يلي:
لا يجوز تقصُّد خلط الأغذية أو الأدوية بشيء من المسكرات؛ سواء أكان ذلك لإضفاءِ نكهة أو مذاق أو لغير ذلك من الأغراض.
ولا حرج في تداوُل ما اشتمل على نسبة قليلةٍ منها بيعًا وشراءً وانتفاعًا إذا استُهلكت فلم يظهر أثرُها في لون الدواء أو الغذاء ولا طعمه ولا ريحه، ولا إسكار لمتناوله، لاستهلاكها في هذه الحالة وانغمارها في الطاهر المباح فتكون حينئذٍ في محلِّ العفو.
مع التأكيد على أنه لا يجوز للمسلم أن يصنع شيئًا من ذلك، ولا أن يضعه في طعام المسلمين ولا في دوائهم، ولا أن يساعد عليه بوجه من الوجوه.
فما وجه تخوُّفِك من مأكولات نباتية يمضي عليها يومٌ أو أسبوع أو شهر في الثلاجة؟! اللهم إلا إذا كانت ستُسكر من يتناولها، فهذه هي الحالة الوحيدة التي تحرم فيها.
كم أرحم زوجَك الذي قدر عليه أن يعايش كل هذه الأوجاع ولا يشتكي! اللهم ألهمه الصبر الجميل، واكتب له ثواب الصابرين الذي يوفون أجرهم بغير حساب(3). اللهم آمين والله تعالى أعلى وأعلم.
___________________
(1) فقد أخرج مسلم في كتاب «الأشربة» باب «بيان أن كل مسكر خمر وأن كل خمر حرام» حديث (2003) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَمَنْ شَرِبَ الْـخَمْرَ فِي الدُّنْيَا فَمَاتَ وَهُوَ يُدْمِنُهَا ولَـمْ يَتُبْ لَـمْ يَشْرَبْهَا فِي الآخِرَةِ».
(2) أخرجه أحمد في «مسنده» (3/ 343) حديث (14744)، وأبو داود في كتاب «الأشربة» باب «النهي عن المسكر» حديث (3681)، والترمذي في كتاب «الأشربة» باب «ما جاء ما أسكر كثيره فقليله حرام» حديث (1865)، وابن ماجه في كتاب «الأشربة» باب «ما أسكر قليله فكثيره حرام» حديث (3393). من حديث جَابِرِ بن عبد الله رضي الله عنهما. وقال الترمذي: «حديث غريب»، وذكره ابن حجر العسقلاني في «تلخيص الحبير» (4/ 73) وقال: «رجاله ثقات».
(3) قال تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10)} [الزمر: 10].