حكم الأضحية

أرجو من فضيلتكم التكرمَ بالرَّد على الأسئلة التالية، وإن شاء اللهُ يجعله في ميزان حسناتكم:
1- الأضحية هل هي سنَّةٌ، إن فعلها الإنسان يُثاب عليها، وإن لم يقم بها هل يأثَمُ عليها أم ما حُكمها؟
2- ما حكم العقيقة إن لم أكن قادرًا عليها عند الولادة؟ هل يجوز أداؤُها فيما بعد أم ماذا أفعل؟ وهل هناك بدائل مثل التصدق بثمنها؟ وجزاكم اللهُ عنا كلَّ خير.


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن الأضحية هي: ما يُذبح من بهيمة الأنعام في أيام الأضحى تقربًا إلى الله عز وجل، وقد اختلف أهلُ العلم في حُكمِها على قولين:
الأول: أنها سنة مؤكدة. وهذا قول الجمهور.
الثاني: أنها واجبة، وهو قول الأوزاعيِّ، والليث، ومذهب أبي حنيفة، وإحدى الروايتين عن أحمد.
وما استدل به الجمهور على مشروعيتها وعدم وجوبها قولُه صلى الله عليه وسلم: «إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعَرِهِ وَأَظْفَارِهِ»( ).
ففي قولِه صلى الله عليه وسلم: «وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ» صرفٌ له عن الوجوب.
كما استدلوا بأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ضحَّى عن أمته( )، وبما صحَّ عن أبي بكر وعمر ب أنهما كانا لا يُضحيان مخافة أن يُظنَّ أن الأضحية واجبة( ).
هذا، وقد صرَّح كثير من القائلين بعدم الوجوب بأنه يُكره تركُها للقادر.
أما القائلون بالوجوب فقد استدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ وَجَدَ سَعَةً فَلَمْ يُضَحِّ فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا»( ).
وقوله صلى الله عليه وسلم وهو واقف بعرفة: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ فِي كُلِّ عَامٍ أُضْحِيَّةٌ وَعَتِيرَةٌ»( ).
قال الحافظ في «الفتح»: أخرجه أحمد والأربعة بسند قويٍّ. ولا حجة فيه؛ لأنَّ الصيغةَ ليست صريحةً في الوجوب المطلق، وقد ذكر معها العتيرة وليست بواجبةٍ عند من قال بوجوب الأضحية( ). اهـ.
والعتيرة هي الشاةُ تذبح عن أهل البيت في رجب، وقد جاء في الصحيحين: «لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ»( ).
وروى أبو داود والنسائي وابن ماجه وصحَّحه الحاكم وابن المنذر عن نبيشةَ قال: نادى رجلٌ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم: إنا كنا نعتر عتيرةً في الجاهلية في رجب فما تأمرنا؟ قال: «اذْبَحُوا لله فِي أَيِّ شَهْرٍ كَانَ…» الحديث( ).
قال الحافظ في «الفتح»: ففي هذا الحديث أنه صلى الله عليه وسلم لم يُبطل الفَرَعَ والعتيرة من أصلهما، وإنما أبطل صفةَ كُلٍّ منهما، فمن الفَرَع كونه يذبح أول ما يولد، ومن العتيرة خصوص الذبح في رجب( ). انتهى.
والذي يظهر أن الصوابَ هو قول الجمهور، وإن كان لا يخفى أن تاركَ الأضحية مع قُدرته عليها قد فاته خيرٌ كثير.
أما العقيقة فهي ما يُذبح عن المولود في اليوم السابع من الولادة، شكرًا لله على ما وهبه من الولد، ذكَرًا كان أو أنثى، وقد اختلف أهل العلم في حكمها، والصواب أنها سنَّة مؤكدة، عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة واحدة، لما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْسُكَ عَنْ وَلَدِهِ فَلْيَنْسُكْ عَنْهُ؛ عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُكَافَأَتَانِ، وَعَنِ الْـجَارِيَةِ شَاةٌ»( ).
وتُذبح العقيقة يوم السابع، وإذا أخرها عن السابع جاز ذبحُها في أي وقت، ولا يأثم في تأخيرها، والأفضل تقديمُها ما أمكن، ولمن عق عن ولده أن يدعو الناس لأكلها في بيته أو نحوه، وله أن يوزعها لحمًا نيئًا وناضجًا على الفقراء وأقاربه وجيرانِه والأصدقاء وغيرهم، ومن لم يعقَّ عن أولاده بسبب ضيقِ ذات اليد فإنه يشرع له أن يعق عنه متى وسَّع الله عليه.
فيجوز لك أيها السائل الكريم إن كنت الآن في سعة أن تُبادر إلى العق عن أولادك، شكرًا لله على نعمتي الولد وسعة الرزق. والله تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 30 يناير, 2012
التصنيفات الموضوعية:   06 المناسك, 16 الأطعمة, العبادات, المعاملات

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend