ما المقصود بالدم المسفوح؟ وهل يؤكل أصلًا؟ وهل يدخل فيه اللحم المطهي نصف طهي وأحيانًا يكون به دم؟ وجزاكم الله خيرًا.

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن الدم المسفوح هو الذي يُراق من الحيوان بذبحٍ أو جرح أو غيرهما، وهو الذي حرم الله شربه وأكله، وتقييده بالمسفوح هو الذي نزل أولًا في سورة «الأنعام»(1)، وما نزل بعده مطلقًا فهو محمول على ذلك المقيد بقيده.
واحتُرز بالقيد عن الجامد كالطحال، وعما يخالط اللحم من المائع القليل فإنه لا يُسفح، فالدم المحرم هنا هو الذي يخرج عندما تُذبح الذبيحة؛ فيهراق ويسيل بكثرة وبتدفق.
أما الدم الذي يأتي مع الذبيحة إذا طبختها ويطفو على القِدْر فلا بأس به، فهو حلال، تقول عائشة ل: كنا نرى خيوط الدم على ظهر القِدْر فنأكله(2).
وبناء على ذلك فما يخالط اللحم المطهي من الدم في بعض الأحيان ليس هو الدم المسفوح المقصود بالتَّحريم.
هذا وإن الحكمة في تحريم الدم أمران:
أحدهما: أنه خبث تستقذره الطباع السليمة، فوجب التنزه عن جعْله غذاءً للمؤمنين الطيبين.
وثانيهما: أنه ضار؛ لأنه عَسِر الهضم، ويشتمل على كثيرٍ من الفضلات العفنة، وكثيرًا ما يشتمل على جراثيم الأمراض والأدواء الخطرة، وقد حرمت الشَّريعة الخبائث وكل ما يُلحق الضرر بالنفوس. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

______________________

(1) قال تعالى: ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [الأنعام: 145]

(2) أخرجه عبدالرزاق في مصنفه (12/14).