ما حكم أكل المأكولات غير الصحية ولكنها لا تحوي محرمًا؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن الأطعمة الضارة صحيًّا وإن كانت طاهرةً لا تحلُّ، سواءٌ أكانت المَضرَّةُ في عينها- كالسموم، إلا إذا خُلطت ببعض الأدوية على سبيل التداوي فلا حرج؛ لانتفاء الضرر- أم كانت المضرة في غيرها، كما يُمنع عنه المرضى من بعض الأطعمة لضررها عليهم خاصة، فتكون في حقِّهم مما لا يحل لهم تناوله لمضرتها، فإن المريضَ إذا حُمِيَ عن نوعٍ معينٍ من الطعام، وقيل له: إن تناولَه يضرُّك، صار عليه حرامًا، بل إن الصحيحَ إذا تيقَّن أو غلب على ظنِّه أن طعامًا بعينه سيُصيبه بأذًى أو بتُخَمة حَرُم عليه.
قال شيخ الإسلام :: «وإذا خاف الإنسانُ من الأكل أذًى أو تُخَمة حَرُم عليه».
والأصل في تحريم ما فيه مضرَّة قولُه تعالى: ﴿ ولَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: 195]، وقوله ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ [النساء: 29]
والنهيُ عن قتل النفس نهيٌ عن أسبابه أيضًا، فكل ما يؤدي إلى الضرر فهو حرام، وقوله ﷺ: «لا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ»(1)، وهو قاعدة عظيمة عند أهل العلم، مع قِصَر ألفاظها وإيجاز كلماتها، ومعناه أنه ليس فيما شرعه اللهُ لعباده ضررٌ، وأنه لا يجوز للإنسان أن يَضُر بنفسه ولا أن يضر بغيره.
ولو تأملت الحديث وجدتَ أنه قد نفى الضررَ أولًا، ثم نفى الضرار ثانيًا، وفي هذا إيماءة إلى الفارق بينهما. وصفوة القول في هذا الفارق: أن نَفْي الضرر إنما قُصد به عدم وجود الضرر فيما شرعه الله لعباده من الأحكام، وأما نفي الضرار: فأُريد به نَهْي المؤمنين عن إحداث الضرر أو فِعله بالنفس أو بالغير. والله تعالى أعلى وأعلم.
_______________________
(1) أخرجه الحاكم في «مستدركه» (2/ 66) حديث (2345)، والبيهقي في «الكبرى» (6/ 69) حديث (11166)، والدارقطني في «سننه» (3/ 77) حديث (288)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه . وقال الحاكم: «حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه». وقوَّاه النووي في «الأربعين»، وحسَّنه ابن الصلاح، وذكره الألباني في «السلسلة الصحيحة» (250).
وأخرجه مالك في «موطئه» (2/ 745) حديث (1429) مرسلًا عن يحيى المازني :.
وأخرجه أحمد في «مسنده» (1/ 313) حديث (2867)، وابن ماجه في كتاب «الأحكام» باب «من بنى في حقه ما يضر بجاره» حديث (2341) من حديث ابن عباس ب، وذكره الألباني في «صحيح الجامع» حديث (7517).