من البديهي أن أَكْل الجوارح مُحرَّم علينا، والدجاج حلال؛ لأنه ليس من الجوارح، والجوارح المفترسة لا تأكل العظم، ونحن الآن نطحن العظم ونصنعها للدجاج، فهل إذا كان الدجاج يأكل العظم المطحون المخلوط في العلف يُصبح من الجوارح بطريقة أهل السبت، وهل يؤدي ذلك إلى تفشِّي الوحشية في مجتمعاتنا، فالمرأة تقتل أولادها وزوجها، والرجل كذلك، والأولاد كذلك؛ لأنهم أُصيبوا بمرضٍ من الأمراض الوراثية الخاصة بالجوارح؟ وأنا لست أهلًا للفتوى، والله أعلم بما إذا كان كلامي صوابًا أم خطأً.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن إطعامَ الدَّجاج أو غيرها من الحيوانات المأكولة شيئًا من النَّجاسات كالدماء أو عظم الميتة ونحوه لا يضر إذا كان قليلًا، فلا يحرمها ولا يجعلها جَلَّالَةً(1)، أما إذا كان الغالب على طعامها النَّجاسات فإنها تكون جلَّالَةً تُحبس حتى تطهر وتُنظف.
ولعل الذي لا يضرُّ من ذلك ما كان دون الثُّلث، أما ما زاد على ذلك فهو الذي يُدخلها في إطار الجلَّالَة، ويتعيَّن به حَبْسها حتى تَطهُر، والحبس يختلف باختلاف المأكول، فهو في الدَّجاج ثلاثةُ أيام، وفي غيرها كالأغنام والأبقار سبعًا، وهكذا، هذا هو النَّظر الفقهي في هذه المسألة.
أما تفشي الوحشية فقد يكون طرفا من الحكمة في النهي عن أكل الجلالة، وأيا كان الأمر فإن الحكم يدور مع العلة لا الحكمة. ونسأل لله لنا ولك التَّوفيق، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
_________________
(1) الجلالة: بفتح الجيم وتشديد اللام من أبنية المبالغة؛ وهي الحيوان الذي يأكل العَذْرَة. «تحفة الأحوذي» (5/447).