الكلام مع الأجنبيات

شيخنا حياكم الله، أسأل الله أن تكونوا بصحة وعافية، وأن يديمها عليكم نعمة وفضلًا من عنده، آمين.
لي سؤالان حيَّراني وكانا السبب في مشكلة كبيرة حدثت بيني وبين زوجي، وجلب أبي وأختي ليحكما بيننا، لكني لا أرضى بغير الله حكمًا، فأتمنى منكم أن توضحوا لنا الإشكال:
سؤالي الأول: أنا أعترف يا شيخ أني امرأة غيور، لكني أثق بزوجي بالطبع والحمد لله، وزوجي بحكم مهنته الدعوية على الإنترنت وفي برامج المحادثات، ودروسه، يتكلم مع الأخوات، أحيانًا فيما يخص الدرس وأحيانًا في مواضيع جانبية، ذكرت له أن هذا يغضبني وطلبت منه أن يتجنب هذا الأمر من أجلي، لكنه رفض وقال: إني أجيب على أسئلتهم وهذا واجبي. ما رأي الشرع في طلبي لزوجي ألا يكلم نساء في أمور جانبية أو حتى للإجابة على أسئلتهم؟
سؤالي الثاني شيخنا: لزوجي صديق، يذهب لزيارته أحيانًا، وزوجته تجلس معهم وتكلم زوجي وتضاحكه وتحاوره، بل وتمازحه كأن زوجي أحد محارمها أو من أقربائها؛ طلبت من زوجي لو يستطيع تجنب هذا الأمر، لكنه غضب وقال: لن أستغني عن صديقي وزيارته. مع أني لم أطلب منه أن يقطع زيارته، فقط يتجنب زوجته.
ما هو الحكم الشرعي فيما يقوم به زوجي إن كان بقصد أو من غير قصد؟
بالله عليكم يا شيخ لو تنصحوني إن كنت مخطئة ومفرطة في طلبي وليس من حقي، أو انصحوا زوجي إن كان مُخطئًا ولا يراعي مشاعري كزوجة. بارك الله فيكم وفي علمكم.


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن الحديث بين الرجل والمرأة إذا لم يكن من محارمها ينبغي أن يكون بالمعروف وفيما تقتضيه الحاجة، وليس لمجرد المؤانسة وتزجية الأوقات، وقد قال تعالى: لَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا [الأحزاب: 32].
ومن المعلوم أنه ما من فتنة أشد على الرجال من النساء، وإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء، وأن للشيطان خطواته ومداخله، وله تلبيساته وتزييناته، ونصيحتي للدعاة دائمًا أن يكونوا في غاية الاحتياط في باب الأموال وفي باب النساء، فإن قالة السوء يجدون سبيلًا إلى عرض الدعاة من خلال أحد هذين المدخلين. نسأل الله لنا ولكم العافية.
وإذا كان زوجك ممن يعملون في مجال الدعوة إلى الله عز وجل فليس لك أن توقفي دعوته للنساء ولا إجابته عن أسئلتهن، ولكن لك أن تنصحي له بجدية الحديث وموضوعيته، وأن يكون بقدر ما تقتضيه الحاجة، واعلمي أن الله يكره الغيرة في غير ريبة، وأن الإفراط في الغيرة مفتاح الطلاق؛ فإن: «مِنَ الْغَيْرَةِ مَا يُحِبُّ اللهُ، وَمِنْهَا مَا يَكْرَهُ اللهُ، فَأَمَّا مَا يُحِبُّ فَالْغَيْرَةُ فِي الرِّيبَةِ، وَأَمَّا مَا يَكْرَهُ فَالْغَيْرَةُ فِي غَيْرِ رِيبَةٍ».
فلا تفرطي في هذا الجانب فتجري على نفسك وعلى علاقتك بزوجك من المتاعب ما لا تحمد عواقبه. ونسأل الله لنا ولك العافية.
أما بالنسبة لزيارة زوجك لصديقه فلا حرج فيه، وإنما الحرج فيما يصحب هذه الزيارة من خلطة وإسقاط للكلفة مع زوجة صديقه، فهذا الذي يقتضي نصحه فيه برفق، فإن مثل هذه الخلطة من خطوات الشيطان ومن ذرائع الفتنة، والسعيد من وُعظ بغيره لا من وعظ بنفسه.
نسأل الله لنا وله العافية، فنصيحتنا له أن يراجع نفسه في هذا الأمر، إرضاء لربه وإبقاء على زوجه والتماسًا للعافية.
نسال الله أن يشرح صدره لذلك، وأن يصرف عنكما السوء، وأن يجنبكما الفتن ما ظهر منها وما بطن، والله تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 30 يناير, 2012
التصنيفات الموضوعية:   05 النكاح

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend