التخلص من حمل الزنى

أنا غير مُتزوِّجة، وأظن أنني حاملٌ من حبيبي، لكن لا أدري ماذا سأفعل؟ وأُريد التخلُّص منه بطريقةٍ طبيعيَّة، ماذا أفعل؟ أرجوكم ساعدوني.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فتعلمين أن اللهَ جل وعلا حرَّم الزِّنى ونهى عن الاقتراب منه، فقال تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا﴾ [الإسراء: 32]، وبيَّن النبيُّ ﷺ أن الزِّنى لا يجتمع مع الإيمان، فقال ﷺ: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ»(1).
فأوَّل ما يلزمك هو المبادرة إلى التَّوْبة إلى الله جل وعلا، والخروج من هذا النَّفق المظلم الذي لا ينتهي بأصحابه إلا إلى غمرات جهنم ما لم تتداركه رحمةٌ من الله عز و جل .
ثم يُنظر بعد ذلك في أمر الجنين: فإن كُنتِ لا تزالين في الأربعين الأولى فإن في إسقاطه مُتَّسَعًا من النَّظَر، أما إذا كُنتِ قد تجاوزت هذه المدة فيلزمك الإبقاء عليه حتى لا تُضيفي إلى جريمةِ الزِّنى جريمة الوَأْد، وللجنين ربٌّ يرعاه ويُدبِّر شئونَه، ومِن أهل العلم(2) مَن توسَّع فجعل هذه المدة التي يُرخَّص فيها في إسقاط الجنين عند الاضطرار تمتدُّ إلى ما قبل نَفْخ الروح في الجنين، أي قبل أن يبلغ أربعة أشهر، وهو قولٌ لا نقول به على كلِّ حالٍ.
لكن لابُدَّ أن يسبق ذلك التَّوْبةُ إلى الله عز و جل ، التَّوْبة بكلِّ أركانها: إصلاح الماضي بالنَّدم، وإصلاح الحاضر بالإقلاع عن الذَّنْب، وإصلاح المستقبل بالعزم على عدم العودة إلى ذلك أبدًا. أما أن تستخدمي الفقه لإخفاء جريمتك ثم يستمرُّ انغماسك في هذا المستنقع فذلك لعَمْرُ الحقِّ الخسرانُ المبين والخيبة الكبرى في الدنيا وفي الآخرة.
فأفيقي يا أمة الله، واعلمي أنك بإصرارك على هذه الخطيئة تتعرَّضين لـمَقَت الله وسخطه بعددِ ما يصدر عنك من شهيقٍ وزفير! فهل تُطيقين ذلك؟!
اللهم رُدَّ أَمَتَكَ هذه إليك ردًّا جميلًا، ووفِّقها إلى توبة صادقة نصوح، تمحو بها عنها ما كان منها من خطيئة، وأدخلها برحمتك في إمائك الصَّالحات، اللهم آمين. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

______________

(1) متفق عليه.

(2) وجاء في «حاشية ابن عابدين» من كتب الحنفية (6/590-591): «(قوله وما استبان بعض خلقه إلخ) تقدم في باب الحيض أنه لا يستبين خلقه إلا بعد مائة وعشرين يوما، وظاهر ما قدمه عن الذخيرة أنه لا بد من وجود الرأس، وفي الشمني: ولو ألقت مضغة ولم يتبين شيء من خلقه فشهدت ثقات من القوابل أنه مبدأ خلق آدمي ولو بقي لتصور فلا غرة فيه وتجب فيه عندنا حكومة ا هـ (قوله وعدة ونفاس) أي تنقضي به العدة وتصير به أمه نفساء (قوله ففي مالها) أي في رواية وعلى عاقلتها في رواية وهو المختار جامع الفصولين: أي لما سيأتي آخر المعاقل أن من لا عاقلة له فالدية في بيت المال في ظاهر الرواية، وعليه الفتوى، وإن رواية وجوبها في ماله شاذة ويأتي تمامه هناك إن شاء الله تعالى (قوله ولا تأثم) الأنسب في التعبير وأثمت؛ لأن الكلام عند وجوب الغرة وهي لا تجب إلا باستبانة بعض الخلق، ثم يقول: ولو لم يستبن بعض خلقه فلا إثم. وفي الخانية قالوا إن لم يستبن شيء من خلقه لا تأثم قال رضي الله عنه: ولا أقول به إذ المحرم إذا كسر بيض الصيد يضمن؛ لأنه أصل الصيد فلما كان مؤاخذا بالجزاء ثمة فلا أقل من أن يلحقها إثم هنا إذا أسقطت بلا عذر إلا أنها لا تأثم إثم القتل ا هـ ولا يخفى أنها تأثم إثم القتل لو استبان خلقه ومات بفعلها».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   12 فتاوى المرأة المسلمة, 13 الجنايات

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend