إجهاض الجنين في الشهر السابع وتغسيله وتكفينه والصلاة عليه

حامل في الشهر السابع، قال لها الطبيب: إن بقاء الحمل يؤثر على صحتها حيث إن الجنين يتغذى على الكالسيوم الموجود في جسدها مما يؤدي إلى الإضرار البالغ بصحتها. ونصحها بالإجهاض، وبعد الكشف عند أكثر من طبيب لم تجد إلا هذا الحل فأجهضت الجنين ونزل مشوهًا وميتًا. فما رأي فضيلتكم في هذه الواقعة؟ علمًا بأن الجنين لم يغسل ولم يصلى عليه. أرجو الرد الفوري.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإذا بلغ الطفل مبلغ نَفْخ الرُّوح وتجاوز أربعة أشهر فقد اتفق أهل العلم(1) على حرمة إجهاضه، إلا إذا تعارضت حياته مع حياة أمه وأصبحنا أمام خيارين: إما التضحية بالجنين، أو التضحية بأمه. فهنا تُقدَّم حياة الأم- لأنها الأصل- على حياة الجنين.
فإن كان هذا هو الحال في هذه النازلة فلا تثريب عليك فيما جرى من الإجهاض.
أما تغسيله وتكفينه والصلاة عليه قبل مواراته فهذا هو مذهب أحمد :(2)، ومذهب المالكية(3) أنه لا يُغسل ولا يُصلَّى عليه إلا إذا استهل صارخًا بالصوت:
قال مالك في «المدونة»: «لا يُصلَّى على المولود ولا يُحنَّط ولا يُسمَّى ولا يرث ولا يُورَث حتى يستهل صارخًا بالصوت. يعني: ينزل حيًّا»(4).
واستدلوا لذلك بما رواه التِّرمذي وابنُ حِبَّان والحاكم والبيهقي من حديث جابرٍ رضي الله عنه : عن النبي ﷺ أنه قال: «الطِّفْلُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَلَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ حَتَّى يَسْتَهِلَّ». قال الترمذي: «وقد ذهب بعضُ أهل العلم إلى هذا؛ قالوا: لا يُصلَّى على الطفل حتى يستهل، وهو قول سفيان الثوري والشافعي»(5).
فالمسألة في محل الاجتهاد، وما وقع منكم مُخرَّج على اجتهادٍ مُعتبَر؛ فلا بأس به، وإن كان الأحوط أن يُعامَل الجنين الذي بلغ هذه المرحلة بما يُعامل به سائر الموتى من تغسيله وتكفينه والصلاة عليه قبل مواراته، ولكن قد مضى ما كان، ونسأل الله العافية. والله تعالى أعلى وأعلم.

___________________

(1) جاء في «فتح القدير» من كتب الحنفية (3/400-402): «وهل يباح الإسقاط بعد الحبل؟ يباح ما لم يتخلق شيء منه ثم في غير موضع، قالوا: ولا يكون ذلك إلا بعد مائة وعشرين يوما».
وجاء في «حاشية الصاوي» من كتب المالكية (2/420): «لا يجوز إخراج المني المتكون في الرحم ولو قبل الأربعين يومًا، وإذا نفخت فيه الروح حرم إجماعًا».
وجاء في «تحفة المحتاج» من كتب الشافعية (7/183-186): «واختلفوا في جواز التسبب إلى إلقاء النطفة بعد استقرارها في الرحم فقال أبو إسحاق المروزي يجوز إلقاء النطفة والعلقة ونقل ذلك عن أبي حنيفة، وفي الإحياء في مبحث العزل ما يدل على تحريمه، وهو الأوجه؛ لأنها بعد الاستقرار آيلة إلى التخلق المهيأ لنفخ الروح ولا كذلك العزل».وجاء في «مطالب أولي النهى» من كتب الحنابلة (1/267-268): «(ولا) يجوز شرب دواء لإلقاء (علقة) لانعقادها».

(2) جاء في «الإنصاف» من كتب الحنابلة (2/504-505): «(وإذا ولد السقط لأكثر من أربعة أشهر غسل وصلي عليه) أنه لو ولد لدون أربعة أشهر: أنه لا يغسل ولا يصلى عليه، وهو صحيح وهو المذهب».

(3) جاء في «حاشية الدسوقي» من كتب المالكية (1/427): «ولا) يغسل (سقط لم يستهل) صارخا (ولو تحرك) إذ الحركة لا تدل على الحياة إذ قد يتحرك المقتول (أو عطس أو بال أو رضع) إذ واحد منها لا يدل على استقرار الحياة أي يكره (إلا أن تتحقق الحياة) بعلامة من علاماتها من صياح أو طول مدة فيجب غسله».
(4) «المدونة» (1/179).

(5) أخرجه الترمذي في كتاب «الجنائز» باب «ما جاء في ترك الصلاة على الجنين حتى يستهل» حديث (1032)، وابن ماجه في كتاب «الفرائض» باب «إذا استهل المولود ورث» حديث (2751)، والحاكم في «مستدركه» (4/388) حديث (8023)، وابن حبان في «صحيحه» (13/392) حديث (6032)، وقال الحاكم: «صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   12 فتاوى المرأة المسلمة, 13 الجنايات

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend